رقية الهويريني
تقود الرعاية الاجتماعية وتوجه عملية التغيُّر الاجتماعي، بما يعني أنها نظام متخصص ووسيلة لإحداث تغيير حقيقي واسع النطاق. فهي تشكل إطاراً شاملاً للخدمات المقدمة لمختلف الأفراد في المجتمع، فلا يتوقف دورها عند شريحة دون غيرها، لأنّ هدفها النهوض بالمجتمع، وتحقيق الحد الأدنى من مستوى المعيشة الذي يضمن الكرامة الإنسانية لمختلف فئاته.
وتتنوع الأدوات التي يتم التعامل بها في سبيل تحقيق الرعاية الاجتماعية المثلى بتنوّع الفئة المستهدفة، فهناك المعاشات للفئات المعوزة والمعاقين والفقراء، كما هي لكبار السن، ومعاشات البطالة، وهناك التأمين الصحي الذي يجب أن يكون حقاً مكتسباً لعموم المواطنين وليس رفاهية، إضافة إلى مستويات راقية من التعليم ونشر الثقافة والوعي وفق طبيعة المنظومة التي تتبناها الدولة المعنية في مجال الرعاية الاجتماعية، حيث تحتل تلك البرامج الصدارة في اهتمامات التنمية الشاملة للدول المتقدمة، وذلك من خلال وضع الخطط والبرامج التي تهتم بتنمية الإنسان بصفة عامة، وهو ما ينبغي أن تسعى الحكومات في الدول النامية إلى تطوير العمل الاجتماعي، من صيغه وأنماطه التقليدية، إلى جمعيات ومؤسسات خاصة يمكنها المساهمة مع الأجهزة الحكومية في تحقيق الرعاية الاجتماعية بشقيها الاجتماعي والاقتصادي.
ولئن أصبحت الرعاية الاجتماعية بمفهومها الحديث حقاً مشروعاً وأساسياً تكفله الحكومة لمواطنيها، فلأنّ الإنسان يمثل جوهر اهتمامها، وهو ما أكدت عليه وثيقة حقوق الإنسان في عام 1948م بأنها حق للفرد باعتباره عضواً يعيش في المجتمع، ومن واجب الحكومة توفير كافة متطلباته بما يتناسب مع احتياجاته الفردية وإمكاناته وقدراته التي يمتلكها، وتسهيل حصوله على كافة متطلباته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية، وكذلك حق أسرته في العيش وفق مستويات معيشية جيدة، إضافة إلى حقه في الحصول على فرص العمل التي تمكنه من العيش، وفرصة الضمان الاجتماعي حين يفقد عمله لأي ظرف طارئ أو دائم.
ولكي تنجح الحكومة في ذلك؛ ينبغي عليها وضع سياسة عامة وشاملة للرعاية الاجتماعية تتجاوز المعوزين والمحتاجين إلى جميع الفئات بما يقود لنقلة نوعية لإحداث التقدم والتطور الاجتماعي المنشود، وبالتالي تحقيق رفاهية اجتماعية شمولية لمختلف القطاعات والشرائح، بحيث يتم تحويل الخدمات إلى أدوات قادرة على التعامل مع المشكلات والتحديات بروح عالية وتصميم على اجتياز كل العقبات.
يبدو أنني أحلم!!
لا... بل هو الطموح الجميل.