رقية الهويريني
منذ نشوء القضية الفلسطينية قبل ما يزيد على ستين عاماً، وبلادنا تستقبل أعداداً هائلة من المشردين من بلادهم لدرجة أن أكثر من جيل قد ولد وترعرع في المملكة، فلا يكاد يشعر بالغربة وامتزج الكثير منهم بثقافة الشعب السعودي وتطبّع بطباعه، ويحظى بالرعاية من الحكومة، وينال التقدير والاحتواء من المجتمع المحيط به.
ودأبت المملكة على احتضان اللاجئين والمغتربين ممن ضاقت بهم بلدانهم، إما بسبب قلة موارد الرزق في بلادهم، أو نتيجة الاضطهاد الذي يتعرضون له من لدن حكوماتهم.
الجميل أن حكومة خادم الحرمين الشريفين لم تستعرض جهودها قط، ولم تتحدث عن مدى كرمها مع اللاجئين، ولم تورد إحصائيات دقيقة لأعدادهم أو الجهود المبذولة لرعايتهم وهم يتقاسمون اللقمة مع شعبها.. إلا أن المؤسف تعالي أصوات نشاز - عربية وغربية - تشكك بموقف المملكة تجاه السوريين بعد لجوء بعضهم لأوروبا بالرغم من أن وطننا من أوائل الدول التي مدت يد العون لهم، سواء من حيث استقبال بعضهم في بلادنا، أو إنشاء مخيمات قريبة من بلادهم تتوفر فيها أغلب متطلبات الحياة، ولعل الشاحنات المحمّلة بالغذاء والأدوية والكساء والبطانيات وأجهزة التدفئة خير شاهد.
إن الموقف السياسي السعودي الواضح والداعم للثورة السورية منذ قيامها لم يتغير برغم ما أفرزته من مآسٍ وويلات وتشريد، بل ازداد إصراراً وتصميماً على المؤازرة، ولو تم حصر المعونات المقدّمة لإخواننا السوريين لتفاجأ الجميع بأنها ميزانية دولة دون موازنة.. ويدرك السوريون أنفسهم هذا الدعم، وتظهر مشاعرهم الموسومة بالامتنان من الموقف الأخوي السعودي عند أي مقابلة لهم في وسائل الإعلام الموضوعية.
وفي الوقت الذي يأمل كل عربي ومسلم عودة الأمن للشعب السوري الجريح، وندعو الله ونرجوه وقف النزيف الدموي؛ نتطلع إلى توقُّف الحملة الشرسة ضد بلادنا التي يغذيها الحسد وتغلّفها الكراهية غير المبررة.