د. خيرية السقاف
كشفت رافعة توسعة الحرم المكي الشريف في حادثة الجمعة الماضية الوجوه المختلفة لمن يعي, ولمن يجهل, لمن يعرف, ولمن يهرف, لمن يؤمن بالقضاء فيلجأ للاستسلام والدعاء, ولمن يتجاسر على حقيقته فيسبب الأسباب ويخوض في اللباب,..!!
ومن الحصاد،
إن الموت, وكوارث الطبيعة من شؤون الله وحده تعالى, لا ترقى إليه قدرات, ولا إرادات البشر,..
كما أن العقوبات, والمثوبات في علم الله وحده جعلها الله تعالى في غيبه, لأنها ليست بشرية, وهو وحده يحكم أمرها, ويقر شأنها, ويقدر نوعها, ويعلم موعدها.
أما الإنسان فقد أوتي عقلا ليدرك بالعلم, ويعي بالمعرفة, ويقيس بالتجربة, ما يجعل تقديراته قابلة للاستنتاج فيما يتعلق بما هو في حدود علمه, ومعرفته, ومن ذلك ما استنتجه المختصون بأن تضافر الأسباب الظاهرة في حادثة الرافعة من شدة الرياح وسرعتها بزيادة مضاعفة عن قدرة احتمال صمود الرافعة في الساعة, وهبوط درجة الحرارة, ونزول الصاعقة في محيط منطقة الإصابة فيها, كلها عوامل مؤكدة في خبراتهم كما قيل لي, وعوامل خفية في أسباب الله تعالى بما أؤمن, ما جعل الحادثة ممكنة, وعمل على وقوعها كما شاء وقدر سبحانه وتعالى,.. لحكمة ليست في مشيئةٍ غير مشيئة الله مالك كل شيء وإلهه, ولعل منها اختياره تعالى من بين الألوف لهذا العدد من الآمين بيته العتيق ليكونوا بإذنه شهداء يبعثون ذاكرين ملبين إن شاء فهو الولي الكبير.
وليس هناك أحرص, ولا أحزم, ولا أسهر, ولا أبذل مما تقدمه خدمة بيت الله لبيت الله في هذه البقعة من العالم..,
ولعل مشهد العمارة, وخصائصها في بيت الله الحرام خير شاهد,
وإن مواسم الحج, والعمرة والزيارة على مدار شهور السنة, مدى عقود طويلة من السنوات خير شهادة لأن تكون هذه الحادثة مشيئة إلهية, لم تصمد لها ثاني أكبر, وأضخم رافعات البناء في العالم, ودافعا لمزيد عمل, ومزيد تدبر من لدن كل المسلمين.
نسأل الله للشهداء جنات النعيم, وللمصابين شفاء ورضا,
ولبيت الله حفظا وأمنا.
ولجهود الخلص من الرأس في خدمته, لحارس الحجر الأسود, لمنظف ساحات مسجده, لرجل أمن بواباته, ومسعاه, وزمزمه, لمن يسهر على سلامه, وراحة زواره, وإكرام وفادتهم, ولمن يؤمهم, ويؤذن لفروضهم, ويدل ضالهم, ويوجه سائلهم, ثوابا لا يخطر على بال بشر.