د. خيرية السقاف
في الراهن غدت وسائل المنافسة للصحيفة الورقية عالية من قبل الإعلام الإلكتروني الرقمي، بسرعته التي تفوق فورية بالوصول للقارئ، عكس ما تحتاجه المطبوعة الورقية من الوقت بما لا يخفى على القارئ المتابع الذي أصبح جزءاً من كيان هذه المنظومة من الحركية بين الحدث، والرأي، صورة، وكلمة..
ودخل في المهنة الصحفية الكثير من الشروط، والقياسات، والتدابير..
لذا تحتاج في رئاسة تحريرها، وطاقم العمل التحريري فيها إلى ذي حنكة، ومهنية، وأخلاق عالية، وبعد نظر، وصبر، ومتابعة، وتواصل، وشغف للحقيقة، وحرص على المصداقية، ولياقة في التعامل، وتجدد في الأفكار، ومعرفة الزمن لكل حدث، والمستحدث في مجال المهنة، ومواكبة مرور الصوت، ووقوع الصدى، وكسب الخبرات الممدة للصحيفة بالرأي، وبالتحليل، وبالنقد، وبالإبداع، ومد الشعرة بين الصحيفة، ومريديها على بساط من حسن التعامل، وثبات الثقة، وأمان المبدأ، وضمان التقدير و.. و..
من جهة أخرى دأب رئاسة تحريرها على تطوير مكونات الصحيفة الفنية، والتقنية، والبشرية، وتطويرها تحديثاً فنياً وتقنياً، وبشرياً مهارة، ومعرفة تواكب مستجدات ما حول,..
واختيارذوي الحس الصحفي النابه، وقدرة توظيفه سرعة، ودقة، وشمولا..
وقد غدا كل هذا ضمن مخزون ذوي الخبرات الطويلة من رؤساء التحرير، وطواقم العمل الصحفي، ومساندي المهنة الذين يمكنون صحفهم من إمكاناتها التقنية، والبشرية، والموضوعية، الذين يدأبون على حسن، وديمومة تطويرها، وتحديثها، وإمدادها، وتجديدها، والحفاظ على قواعدها الرئيسة بدءاً من المحرر النابه، وانتهاء إلى الكاتب المفكر.. مروراً بفنييها، ومحرريها، وقيادييها، والمشرفين المتابعين، والميدانيين المواكبين..
وهي مهنة تُكتسب بالدربة، والخبرة أكثر مما تكتسب بالدرس، والقراءة..
لذا نجح فيها أساطين رؤساء التحرير في العالم مذ القدم حين كانت الصحف هي موئل الأدب، والفكر، ومرجع الأدباء المؤسسين، الذين كانوا يبثون فكرهم في إصلاح مع إمتاع مريديهم، حين كانت صحفهم مرجعاً يتهافتون عليها، ويلتذون برائحة أحبارها، ويتعارفون بعضهم عنها، ويتجاذبون رؤاهم في أعمدتها، ويتنافسون طرحهم..، وإلى أن دخلها الخبر، ثم داهمتها الصورة، فأصبحت لسان الساسة، ومصدر القرار، فلسان الناس ومصدر الأخبار,
وإلى أن بلغت هذا الشأو من الحداثة في المضمون الشامل، والشكل المتجدد، والطباعة الفائقة حرفاً، وورقاً، وحجماً، وألواناً، وزمنا، حتى بلغت بعد تسيدها تمثّل وضع المسافر في محطة ينافس على مقعد في مقدمة..!
ومع ذلك تظل الصحيفة الآن بطبعتيها الورقية، والرقمية سيدة الخبر، والصورة، وميدان الرأي المواكب للحدث، المكثَّف للسرعة وسم المرحلة، والمحافظة على المواءمة بين هذا، وذائقة المتلقي للفكرة العابرة الوقتية، وللكتابة الفكرية الخالدة.
وبكل ذلك يكون قائدها على المحك الحقيقي لخبراته، ولقدراته، ولسماته في التعامل، ولحرصه على روافد صحيفته بما فيها من يعمل معه، ومن يكتب لصحيفته، ومن يتعامل معها إعلاناً ونشرا، إضافة لهمته في وضع صحيفته في مأمن من ريح المنافسة،..
وحين يكون الكاسب، وتكون صحيفته الناجحة الثابتة المتطورة المتجددة في آن، ويكون العاملون معه، والمنتمون لصحيفته في رضا وتكافؤ، وتقدير وتوافق، يكون هو المحترف، بكل مكوناته الأدائية المهنية وبما يتميز به من سماته الممثلة في علاقاته بكل ذلك، وبكل أولئك.
من كل هذا فإن صحيفة الجزيرة الورقية حتى الآن تمثِّل هذا النموذج من الخبرات المتراكمة المتطورة، لأن فيها من يدأب بمهنية محترفة ذات خبرة طويلة على نجاحها بتميز، بأسلوب راق جداً في التعامل مع مكونات صحيفته، ومع متطلعاته نحوها، ومع كل ما يجذب إليها، ويأخذ بها للصفوف المتقدمة، من إمكانات، وخطط، وتقنية، وكتَّاب، ومحررين، ونحو هذا الكثير إنه الرجل الطموح الدؤوب المخلص لمهنته المتفاني لصحيفته خالد المالك بتجرّد، وموضوعية، وأمانة أقول هذا، إذ خبُرتُه خلال كتابتي في الجزيرة بوعيه، ودماثة خلقه، يمسك بدفتيها يتجه بها للموجة الأولى في عرض بحر لجي، لا يفتأ عن الاستمرار.
لهذا تضافر للجزيرة ما أهلها لأن تفوز، وتنجح، وتؤتي ثمارها.
والمثال على هذا أنها هذا العام، وفي الموسم العظيم للحج سوف تتوّج للمرة الثالثة بجائزة وزارة الحج، وذلك لتميزها في تغطية بعثتها المهنية المحترفة لمواسم حج ثلاث سنوات متتالية..
فالتهنئة أولاً لربانها العزيز خالد المالك المهني من الطراز الأمثل,.
والتهنئة لكل من يعمل بها مخلصاً لمهنته، ولبعثة الحج فيها المستحقين بجهدهم فرحة التتويج.
وفي البدء التهنئة لوزارة الحج ممثلة في الأخ الفاضل بندر الحجار وزيرها، ومجلس أمانة جائزتها الموقرين، وأمينها القدير سليمان الزايدي. تقديراً لما يبذلون، وما يقومون به في شأن الجائزة من جهود، ومتابعة، واحتفاء.
وشكراً أن وصلني من ضوئكم ما شعت به مشكاتي.