فهد بن جليد
تنشر إحدى الصحف العربية يومياً (عشرات القصص) التي يجلبها المحررون بعنوان (مخافر ومحاكم)، بعضها خلافات زوجية، والبعض الآخر عبارة عن قضايا، ومشاكل (اجتماعية) أو جرائم، الناس تحب أن تسمع وتتعرّف على مشاكل الآخرين، وهو الدور الذي تلعبه الصحافة الإلكترونية اليوم؟!
بل إنّ أكثر الصفحات زيارة في مواقع الصحف الورقية، هي أبواب (هموم الشارع)، كما أنّ أنجح البرامج التلفزيونية هي التي تتحدث عن الناس، ضمن القاعدة الإعلامية التي تقول (تحدث عن الناس، يسمع لك الناس)، وأكثر هذه البرامج شهرة وفعّالية هي تلك التي ليس لها (مُذيع خاص) ولا (خارطة تنفيذ)، فالشارع هو من يُعد القصة، والناس هم أبطال البرنامج بحديثهم عن (همومهم اليومية)، لأنه بات من المؤكد أن (المذيع) أو (الصحافي) غالباً ما ينحرف بالقصة عن (الجادة) بحثاً عن (تلميع نفسه)، وكسب المزيد من الشهرة!
التلفزيونات الغربية أفضل منا بكثير، فهي تترك مساحة كافية (لكل شخصية) للحديث عن المُشكلة، ومن ثم الانتقال (لشخص آخر) يُكمل أو يفسر ما ذكره سابقه، وترك الحكم في النهاية للمُشاهد أو صاحب القرار، بعكس ما يحدث من مُتاجرة (بمشاكل وهموم الناس) على الشاشات العربية، فالناس لا يستفيدون بالضرورة من جلب (ضيف) والصراخ في وجهه (طوال الوقت)، فهذه (حِيل مكشوفة) لبعض المُعدين والمذيعين (العرب) الذين يسعون لإبراز أنفسهم، وتلميع صورتهم فقط، أو العمل لمصالحهم الخاصة، أو تمرير بعض النقاط لصالح جهة معينة، أو شخصية نافذة، وهذه حقائق لم تعد غائبة عن ذهن المُتلقي، الذي بات يضحك على (أغبياء الشاشة) ممن يعتقدون أنهم ما زالوا يبيعون (الوهم)، في برامج (خفة الحركة)!
لماذا نسينا الراحل (سليمان العيسي)؟ وكيف كان لبرنامجه الشهير (مع الناس) أثر كبير؟ عندما كان يترك (المايك) ينتقل بمهنية بين (المواطن والمسؤول) فيما يشبه المواجهة والمُكاشفة، دون كثر كلام، أو مزيد (هذرة)!
يجب الانتباه إلى أن العدوى بدأت في الانتقال إلى - جيل جديد - من الإعلاميين السعوديين، ممن يحاولون جعل برامجهم شبيهة بما يحدث في (المخافر أو المحاكم)؟!
وعلى دروب الخير نلتقي.