عبد الرحمن بن محمد السدحان
الأستاذة الدكتورة سميرة بنت إبراهيم بن مصطفى أسلام عالمة سعودية، تجاوزت سمعتُها الحدودَ القريبة والبعيدة، وهي علامة فارقة في المسيرة العلمية والتربوية، ليس للمرأة السعودية فحسب، بل للإنسان السعودي بوجه عام. وكانت أول مواطنة من بلادي، إنْ لم تخنّي الذاكرة، تنال شهادة الدكتوراه في مجال علمي دقيق ومتخصص، يعرف بـ(الفارماكولوجي) (علم الأدوية) عام 1981م، كما كانت من أوائل الحاصلين على رتبة الأستاذية العلمية بين رجال ونساء هذا الوطن.
* * *
تختزنُ الذاكرة وهجاً غير يسير من تاريخ هذه الأسرة الكريمة، فقد كان لوالدها العم الشيخ/ إبراهيم أسلام - رحمه الله - مكانة الوالد عندي، وكان صديقاً حميماً لسيدي الوالد وعديلاً له، وارتبطتُ مع جل أولاده بعلاقاتٍ أسرية حميمة حتى الآن، غير أن الكتابة عن الدكتورة سميرة حرضتني على البحث في سيرة هذه السيدة الفاضلة، فاستعنت بعدد من المصادر المعرفية بحثاً عن المزيد من المعلومات القيّمة عنها، وخرجت من ذلك بحصاد أقتبس منه باختصار بعض السطور (مع شيء من التصرف):
تخرجت الدكتورة سميرة أسلام من جامعة الإسكندرية متخصصة في علم الأدوية، ثم أكملت أبحاثَها في المجال ذاته بكلية طب سانت ماري في جامعة لندن مركزة على التصنيف الجيني للمجتمع السعودي. ويعتبر بحثها عن هذا الموضوع الأولَ من نوعه في المراجع العلمية المتخصصة. ثم حصلت عام (1970م) على درجة (دكتوراه الفلسفة) في العلوم الصيدلية، وعملت رئيسة لوحدة قياس ومراقبة الأدوية في مركز الملك فهد للبحوث الطبية بجامعة الملك عبد العزيز خلال الفترة من (1971 ـ 2003م)، وكانت عضوَ هيئة تدريس في الجامعة نفسها، ثم شغلت منصبَ (مستشار إقليمي) في المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لبرنامج الأدوية الأساسية.
* * *
وهي إلى جانب إنجازاتها العلمية المتخصصة أول سيدة وثاني شخصية سعودية تتولَّى منصباً رسمياً فـي منظمة الصحة العالمية (1418 ـ 1420هـ) (1998 ـ 2000م)، كما عملت عميدة مؤسَّسة لكلية عفت الأهلية للبنات بجدة، أول كلية أهلية جامعية للفتيات، وصاحَب ذلك تأسيسُ أقسام الكيمياء والفيزياء والأحياء والرياضيات فـي كلية التربية بفرع جامعة الملك عبدالعزيز فـي مكة المكرمة، وتم تأسيسُ اعتماد الدراسات النظامية للطالبات فـي الجامعة بعد أن كانت الدراساتُ فيها بالانتساب والدراسات المسائية فقط.
* * *
واستُحدِثتْ أيضاً كلية العلوم للطالبات ضمن منشآت كلية الطب بجامعة الملك عبدالعزيز، وشاركت الدكتورة سميرة في تطويرها حتى أصبحت كلية مستقلة، كما أجرت أبحاثاً عديدة في مجال مراقبة الدواء بدم المرضى آخذة في الاعتبار تأثيرَ الصفات الوراثية والعوامل البيئية التي تميزُ مفعول الدواء في العديد من الأدوية، ونشرت من الأبحاث ما يزيد على (75) بحثاً، منها (32) في المجلات العلمية المحكمة.
* * *
وبعد، فإن ما سبق ذكرُه عن العالمة الدكتورة سميرة إبراهيم أسلام، هو غيضٌ من فيض مما يستحق أن يُخرجَ في بحث مستقل؛ لذا فإنها تستحق التكريمَ المعنوي في أكثر من مكان وزمان. وقد تأهلت للتكريم محلياً وعربياً وعالمياً في أكثر من مناسبة، كما تشهد بذلك سيرتُها العلمية. وكانت وما برحت تبذل من الجهود أقصاها وأقساها لخدمة تخصصها في (علوم الأدوية) وفي سواها من مجالات الطب ذات الصلة، وقدمت العديدَ من الأبحاث على أكثر من صعيد داخلي ودولي، وسخّرت خبراتِها على المستوى العالمي لخدمة مؤسسة عملاقة مثل (اليونيسكو)، وما برحت حتى الآن تشارك بأبحاثها ومحاضراتها في أكثر من منتدى علمي، داخل المملكة وخارجها، إثراءً لتخصصّها أولاً، ولصحة الإنسان العربي بوجه عام.
* * *
نرجو الله أن يمدَّ في عمرها قوة وعافية؛ لتُكملَ مشوارَها العلمي والعملي الجليل خدمة للمعرفة الطبية المتخصَّصة ولهذا الوطن الغالي.