محمد الشهري
لا يمكن لأي شخص مهما أوتي من بلاغة، أو من قدرة على لوي أعناق الحقائق، أن يقنعنا -هكذا بكل بساطة- بأن الكرة السعودية لم تدفع ثمن التراخي إلى درجة التخاذل في الحدّ من العبث المتعمّد الذي مارسته بعض الأطراف المحتقنة جهاراً نهاراً على مدى عقود، سواء بدافع الحقد على أطراف أخرى، أو بدافع الحصول على مكتسبات لم تدفع مهرها، إما لعجزها الفني والعناصري، أو لسوء نواياها ومقاصدها، أو لعدم قدرتها على العمل المنتج؟!.
** فكان (التحكيم) أولى الضحايا، إذ بدأ يتهاوى شيئاً فشيئاً بفعل الضربات التي ما انفك يتلقاها (تحت الحزام) إلى أن بلغ ما بلغه من حالة متردية لم يستطع النهوض منها، وبذلك خسرنا أحد أهم أركان البنية الأساسية لمنظومتنا الرياضية!!.
** ومن ثم توالت الخسائر تباعاً لتشمل كافة الجوانب، إلى الدرجة التي لم يعد لدينا ما يستدعي أو يستوجب الفرح بحسب أصوله، ناهيك عن تلاشي، بل اضمحلال دواعي الطموح المشروع، مما فتح المجال على مصراعيه ليكون الضجيج الفضائي فقط هو سيد الموقف!!.
** قد يكون من الممكن غض الطرف -إلى حد كبير- عن الأضرار التي تتعرض لها بعض الأندية لحساب أخرى من جراء بعض التدابير التي تُحاك عادة في الخفاء على أمل تبدل الأحوال إلى الأفضل مع مرور الأيام.
** لكن الذي لا يمكن قبوله، أو غض الطرف عنه بأي حال من الأحوال، هو أن يصبح منتخب الوطن (تكية) للفاشلين الذين يجدون فيه ضالتهم من خلال ممارسة نزواتهم وعقدهم المزمنة، سواء على الصعيد الإداري، أو الفني، أو العناصري، أو حتى على الصعيد الإعلامي؟؟!!.
** نتفهم حقيقة أن الأندية هي من يمد المنتخبات -عناصرياً- بمقومات نجاحها أو إخفاقها، وهي من تؤمّن لها عوامل وأدوات القوة أو العكس، هذا في الظروف الطبيعية والعادية.. غير أنه لا يمكن تفهّم ممارسات إخضاع المنتخب لسطوة عقدة الألوان الممتدّة منذ سنوات، والتي بات يجني ثمارها المُرّة الآن، الانتكاسات تلو الانتكاسات، إلى حد الاحتفال بالفوز على (تيمور وماليزيا)!!.
** وكم كنا بحاجة إلى واقعة بحجم واقعة (تسرّب) ثلاثي المنتخب ليلة مباراة ماليزيا من المعسكر لكي يقف الجميع على مستوى وحجم مأساة هذا الأخضر، ليس بالقياس على حجم الفعل، وإنما بالقياس على حجم ردة الفعل في أوساط أنصار اللون الذين تداعوا بقضّهم وقضيضهم، وجنّدوا برامجهم بمساعدة (المتحذلق) في مهمة (تذويب) الواقعة في محلول اللغط، والتحايل، وفي اصطناع المبررات؟!!.
** نعم كم كنا بحاجة إلى واقعة بهذا الحجم لكي يعرف الجميع عن كثب: كيف تُدار الأمور، ومن الذي يديرها؟؟!!.
** نعم، وألف نعم: كم كانت حاجتنا ماسّة إلى واقعة تكشف للكل بجلاء، وبلا استثناء، كم نسبة الحرص على مصلحة المنتخب عطفاً على ما أفرزته الواقعة من ردود الأفعال، سواء على المستوى الرسمي، أو على مستوى الأنصار؟!!.
** الخلاصة: أن تدفع بعض الأندية ثمن انغماس الأمزجة المتنفذة التي تدير اللعبة في وحل الميول، فتلك مسألة فيها نظر، ولكن أن تتمدد لتشمل المنتخب من خلال إخضاعه لهكذا ممارسات، ثم يأتي من يتشدّق معاتباً الجماهير على إحجامها عن الحضور، هنا نقول لهؤلاء : قليلاً من الحياء، فلم يعد لدى المنتخب ما يقدمه ثمناً لأمزجتكم الميولية أكثر من أن يكون (تكية)!!.