محمد الشهري
في ظلال سلسلة الحالات الطويلة المضحكة التي تعتري واقعنا الراهن، تجد نفسك في حيرة حول تفسير مغزى كل حالة، ومن المعني بها؟!.
** تتساءل: هل هي قِلّة (الدبرة)، أم هو الإمعان في استغفال الشارع الرياضي طالما أن الطاسة ضايعة، أم أن ثمة من يدعم هذا الوضع البائس خلف الكواليس لتحقيق مصالحه الخاصة ولا يعنيه الشأن العام؟!.
** ولأن السلسلة طويلة كما أسلفت ولا يتسع الوقت والمساحة لسردها، هاكم بعض وليس كل الأمثلة، ولتكن من القريبة جداً إلى الذاكرة.
** ذلك أنه عندما صدر القرار الآسيوي القاضي بمنع جماهير العميد من حضور مباراة الإياب على ملعبه، خرج علينا (المتحذلق)، قصدي المتحدث الرسمي لاتحادنا (الشهم) عبر الإعلام مستنكراً ومديناً ذلك القرار التعسفي، فحمدنا لهما موقفهما ذاك وصفقنا لهما طويلاً، أعني اتحاد اللعبة والمتحدث معاً، وقلنا (قام الحظ).
** غير أننا لم نلبث أن أُصبنا بصدمة الخيبة الكبرى عندما بادر ذات المتحدث الرسمي بشحمه ولحمه ليعلن باسم اتحاده الشهم تأييده (وانشكاحه) المبطن لقرار منع الجماهير الهلالية من حضور مباراة الذهاب أمام لخويا.. مع أن مبررات الآسيوي التي استند عليها في معاقبة جماهير الهلال، هي المبررات ذاتها التي استند عليها في معاقبة جماهير العميد، أي أنه لم يختلف سوى (الألوان)، والتي اختلفت معها وحولها المواقف الرسمية المعلنة، مما يدل على أن الخافي أعظم وأفدح بكل تأكيد، هذا على الرغم من أن الزعيم والعميد كانا في مهمة وطنية واحدة ؟!!.
** وهل يمكن نسيان الموقف المتخاذل إزاء (الجور البيّن) الذي تعرض له الهلال عياناً بياناً خلال نهائي (نيشيمورا) الشهير الذي سيظل وصمة عار في جبين آسيا قاطبة إلى الأبد.. والذي لم يتحرك اتحادنا الشهم لإصدار (بيان رفع العتب) الذي أصدره، إلاّ بعد أن ضجّ العالم شرقه وغربه من هول الفضيحة بما فيها الأوساط الأسترالية!!.
** وهل أحدثكم عما جرى ويجري للأخضر، نعم الأخضر، واجهتنا وعنوان واقعنا الكروي، بل هو المقياس، وهو الصفحة التي من المفترض أن نبرزها للعالم ليعرف ماذا، وكيف نعمل، وما هو نتاج عملنا.. هل أحدثكم عن معاناته الطويلة، أم أن فهمكم كفاية بكل تأكيد؟؟.
المرعب (جحفلي)؟!
** حينما التحق النجم الدولي (محمد جحفلي) بالصفوف الهلالية قادماً من نادي الفيصلي منتصف الموسم الماضي، سارع الكثير من النصراويين عبر وسائل الاتصال الاجتماعي المختلفة الى ممارسة (التهكم والسخرية) من تلك الصفقة (الجحفليّة)، وذلك بالتقليل المبالغ فيه من شأن اللاعب إلى درجة القدح في قدراته وإمكانياته مقارنة بالصفقات النصراوية الكبيرة والمدوية بحسب ترديداتهم وتقديراتهم ورؤاهم الفنية (اللي ما تخرّش الميّة)!!.
** لم ينتظر (جحفلي) طويلاً لكي يثبت لأولئك خطأ تهافتهم في إصدار الأحكام، سواء المراهقة منها أو المغرضة، بل لم يمهلهم طويلاً للاستمرار في ممارسة السخرية والتندر الأصفر الوراثي الناتج عن (تورّم) الغطرسة المزمن، والاستخفاف بأشكال وقدرات وإنجازات الآخرين.. لذلك كان حضور (جحفلي) في نهائي كأس (سلمان) العزم والحزم، فضلاً عن انضمامه لصفوف المنتخب، علاوة على المستويات المتميزة التي يقدمها على المستطيل الأخضر بمثابة الصاعقة التي هبطت على الرؤوس؟!!.
** لهذا أجد العذر لكل من يصيبه (الذعر) عندما يأتي ذكر المرعب (جحفلي)، على غرار ما يحدث اليوم في أوساطهم، ليس لأنه (سوبر ستار)، ولكن لأن هناك - كالعادة - من زرع في أذهانهم ثقافة الغطرسة الفارغة المتمثلة في عدم احترام قدرات الغير، من هنا لابد أن تأتي ردة الفعل مضطربة وغير عقلانية، وقد تتحول إلى كابوس.
** على طاري الجحفلي، وتعليقاً على محاولات الاستفزاز والإيذاء التي تعرض لها من لدن بعض لاعبي النصر التي شاهدها الجميع، يقول الشاعر:
ما كل من جا يطامر نحسبه (جحفلي)
أكيد ما هي كذا يا شاطر (الجحفلة)
** وبالمناسبة: على مدى أكثر من عقدين من الزمان، وهي الحقبة التي غاب فيها النصر عن ملامسة الذهب، لم يكن للكثير من النصراويين من شاغل سوى حبك الإساءات للهلال ونجومه وبثّها هنا وهناك إلى درجة تصديرها خارج الحدود، وعليه فإن تغنّي بعض الجماهير الهلالية بنجمها (الجحفلي) وما تحقق على يديه ما هو إلا بعض من بضاعة نصراوية رُدّت لأصحابها.
ترنيمة زرقاء:
لا صارت الخِسّة سلاح وشجاعة
في عالم الرديان.. يا همّلالي
يمين لو شَحّ الهلال ابشعاعه
ما شحّت النخوة بصدر الهلالي