خالد الربيعان
لا صوت في الأيام السابقة يعلو فوق صوت التّحدث عن صورة الطفل الغريق على شاطئ البحر، أيقونة لها وشعاراً!
تسابقت المنظمات والدول والكيانات المختلفة في إبراز صور التعاون والمساعدة تجاه الأمة السورية واللاجئين وتقديم التبرعات لهم والعناية بهم، منظمات كرة القدم وبالتحديد الأندية الكبرى العالمية كانت أول الكيانات في العالم في هذه النقطة، وهو شيء عجيب.. وجميل!
أبرزت كرة القدم وجهها الجميل، وأظهرت للجميع كيف يُمكن للأندية، واللاعبين الكبار أن يشرحوا مفهوم « المسئولية الاجتماعية» للعالم كله على أرض الواقع، وعالم التسويق الرياضي هو أصدق دليل وأنفع شيء يقوي نظرة المجتمع والعالم للنادي واللاعب.
فرأينا نادي ريال مدريد العملاق يتبرع بمليون يورو لدعم اللاجئين، ليس في دولة أخرى، بل الذين ستستضيفهم إسبانيا أيضاً!، ورأينا كيف يفكر رئيس هذا النادي العملاق، وكيف يساعد، وفي نفس الوقت يحقق مفهوم المسئولية الاجتماعية والتسويق الرياضي السليم عبر إشهار اسم النادي وضرب السمعة الحسنة له وزيادة معجبيه من غير المهتمين حتى بكرة القدم!.
اتصل رئيس النادي ونسَّقَ مع رئيس الوزراء الإسباني لعمل إجراءات وفعاليات المساعدة والتبرعات!، وتبعه عملاق ألمانيا بايرن ميونخ في البلد الذي جعل على عاتقه مساعدة عدد كبير جداً من اللاجئين السوريين، تبرع هو الآخر بمليون يورو، وتم التنسيق أيضاً مع وزير داخلية مقاطعة بافاريا!.
ورأينا روما الإيطالي يدشّن حملة «الكرة تهتم»، ويجمع التبرعات وينسّق مع منظمات مثل الأمم المتحدة ومؤسسة إنقاذ الأطفال والصليب الأحمر، حتى في أسكتلندا قرر العملاق فريق سيلتيك عمل مباراة خيرية كبيرة ستذهب إيراداتها بالكامل لتلك القضية، وبورتو البرتغالي تبرع بيورو واحد عن كل تذكرة في دوري الأبطال للقضية السورية!.
وعلى مستوى اللاعبين رأينا كيف تسابقَ القطبان الإسباني والأرجنتيني!، رونالدو السبّاق دائماً في المسئولية الاجتماعية أعلن دعمه للأطفال السوريين ولم يذكر حجم تبرعه بالتحديد، وميسي تبرع بـ 100 ألف يورو، واشتركا معاً في إطلاق الحملة وتوعية الجمهور من خلال حساباتهما على فيسبوك وتويتر، وهما منصّتان إعلاميتان هامتان جداً نظراً لوجود مئات الملايين من جمهورهما هناك!.
وعلى المستوى العربي وجدت خيراً، إذ إن ذلك فعلناه بدافع ديني وإنساني بحت بغض النظر عن كرة القدم!، رأيت الغرافة القطري وجميع لاعبي الفريق الأول يتبرع للاجئين، ورأيت نادي الجيش القطري يتبرع بـ 500 ألف ريال وكان هذا في الموسم الماضي!، ومنذ أيام أطلق الأهلي المصري أيضاً مبادرة لجمع التبرعات، وبدأها نجمه وليد سليمان بدفع 50 ألف جنيه!.
أجمل الأشياء أيضاً، وربما يكون بسيطاً هو لاعب البايرن خافي مارتينيز، ذهب بنفسه لمحطة قطار «ميونيخ» واستقبل اللاجئين، وفي يده أكياس بلاستيكية كبيرة، تمتلئ بالكرات، كان يحرص على إعطائها للأطفال بنفسه مع ابتسامة ... مؤثر بلا شك!
جميل جداً أن يبدأ لاعبونا السعوديون ووكلاؤهم تعلُّم وفهم المعنى الحقيقي للمسئولية الاجتماعية التي حثَّ عليها الإسلام، ولكن أن تتجاهلوها فهي أم المصائب.
أنديتنا:
تُزعجني نبرة المقارنة هذه الأيام من نوعية «أين السعودية.. وأين الأندية هناك من سوريا» ونغم:. «شاهدوا الغرب غير المسلم» وإلى آخر هذه الأشياء، لا بد أن أُذكِّر هؤلاء أن نادي الهلال قبل الأندية الأوروبية والعربية تبرع بمبلغ نصف مليون ريال دعماً لأطفال سوريا، وأيضاً نادي النصر تبرع بكرفانات - أي منازل صغيرة متحركة -، وكسوة شتوية لمخيم اللاجئين بالأردن، وكل هذا في 2013 أي قبل كل أندية أوروبا، لكنها لعبة الإعلام وإبراز الأحداث في الزمان والمكان الصحيحين.