حمد بن عبدالله القاضي
** «الله يرحم مزنة» مثل عجيب بطلته امرأة شجاعة جاء لصوص لبلدتها العوشزية من قرى عنيزة، ورجال القرية قد ذهبوا لصلاة الجمعة، ولقد تزوجها الأمير بن جلوي عندما علم بموقفها البطولي، في قصة عجيبة تستحق أن تروى وما أكثر من يستحقون أن نقول أمامهم هذا المثل! فهناك الكثير من»المهايطية» الذين يقولون مالا يفعلون!!
***
ودعوني أولا أروي لكم قصة هذا المثل الجميل الذي كان موقف هذه المرأة العظيمة السبب بإطلاقه وجريانه مثلا.. وأروي القصة موثقة كما قرأتها:
هي مزنة بنت منصور المطرودي فعلا، بدأت قصة بطولتها حينما ذهب والدها وإخوانها ورجال القرية إلى صلاة الجمعة، وكانت المسافة بين قريتهم (العوشزية) وعنيزة تبلغ سبعة كيلومترات، ومن هنا فإن غيبة رجال القرية ستكون طويلة خاصة أن الرجال تعودوا أن يرتاحوا بعد صلاة الجمعة لشرب القهوة في منزل أحد معارفهم في عنيزة ويطلون هناك إلى قرابة مغرب الشمس حيث يعودون إلى أهلهم.
كانت تلك عادتهم على مر الأيام حيث يتركون النساء وحدهن، ولقد ترصد بعض قطاع الطرق هذه الحالة وخططوا لسرقة مواشي وأرزاق أهلها وتمت عملية استجماع الماشية والأرزاق وشرع اللصوص في قيادة الغنيمة متجهين شرقا على عكس طريق عنيزة، ولم يكن في القرية رجال ينقذون الموقف، وهناك تحركت البطلة مزنة بنت منصور المطرودي، وقد أحست بالغيظ من ضياع حلال والدها وأهلها هكذا عنوة وبماء بارد، وما كان منها إلا أن فتشت عن ثياب لأخيها فارتدتها ووضعت العقال على رأسها وأحاطت وجهها بلثام باستدارة الشماغ، وقفزت على ظهر الفرس وجاءت بالنساء ليحطن بها من بعيد متخفيات بأنواع من الملابس وكأنما هن من بطانة الفارس الملثم ثم هبت هبة سريعة تعدو بفرسها باستعراض دائري لا يقترب كثيرا من اللصوص ولكن تكون على مرأى منهم وكأنما تتهيأ لهجمة تباغت اللصوص وتحصد رؤوسهم، وظلت تدور وتستعرض مرتين أو ثلاثا حتى أحدثت في نفوس اللصوص رهبة وتحفزا لما يمكن أن يحدث لهم من هذا الفارس الذي فاجأهم وقد كانوا يظنون المكان خاليا من الرجال، وهنا اقترب الفارس الملثم وقد نضجت قلوب اللصوص خوفا ومفاجأة حتى خاطبهم الفارس الملثم بصوت أجش بكلام مقتضب قصير الجمل وبروح آمرة متغطرسة تأمرهم برد المواشي والأرزاق، وقد طلقت بالثلاث إن لم تردوا الحلال سوف أقتلكم والمرأة ليس لها طلاق وهذه لكي تقنعهم أنها رجل وهذا من دهائها الخارق للعادة وأمرتهم بالاتجاه أذلاء نحو البيوت عائدين، تقول هذا وهي تنطلق بفرسها في دائرة طويلة تحيط بالمكان من بعيد مشهرة البندقية ومستعرضة على الفرس ومع حركات تتبادلها مع صواحبها من النساء المتربصات من بعيد وكأن الجميع يمثلن خطة عسكرية في التطويق والانقضاض.
***
بعد كل هذا الاستعراض المهيب استسلم اللصوص وقرروا رد المواشي ولكنهم سألوا «من نحن بوجهه»، فقالت لهم: أنتم بوجه حماد المطرودي، فاستسلموا معه وعادوا مع الغنيمة إلى بيوت المطرودي وهناك نزلوا في الضيافة لتأتيهم القهوة ويأتيهم وعد بالعشاء الذي راحت مزنة ونساء العائلة يجهزنه للضيوف الأعداء، إلى أن حضر الرجال عائدين من عنيزة وعلموا بالخبر وصاروا يرحبون بضيوفهم ولم ينكشف الأمر إلا حينما أصر اللصوص على معرفة الفارس الذي واجههم في تلك الظهرية، وهنا أبلغهم الأب أن الفارس لم يكن سوى ابنته مزنة.
وبعد: إننا نرى ونسمع عديدا من الناس يعجبك قوله، لكن عندما يجد الجد لموقف مروءة أو داعي نبل أو حافز شجاعة، تجدهم ينكصون على أعقابهم، ليس أبلغ من أن نقول لهم «الله يرحم مزنة»!
=2=
تنمية منارة الجامع ومنار الجامعة معا
رؤية التنمية بالمملكة قامت على الموائمة بين منارة الجامع ، ومنار الجامعة بين زرع سنابل القمح وإقامة فصول المدارس بين نماء المكان وبناء الإنسان في تناغم جميل كان أحد أهم عوامل الانتماء والاستقرار.
إن الانتماء يكون قوياً وراسخاً كلما كان هذا الوطن محققاً لنماء الإنسان وإعمار المكان.
لقد راهن خلفاء الملك عبدالعزيز على أثر وتأثير المعرفة في ترسيخ الانتماء ، ونشر الرخاء فأولوا العلم كل اهتمامهم ، وقد حافظ الملك سلمان حفظه الله على هذا النهج، فدعم الثقافة والتعليم ، ورعا وحفز المؤسسات الثقافية والحضارية.
وقد أبهر ذلك المنصفين المتابعين لمسارات نماء الوطن بكل الفضاءات الأمنية والاجتماعية والثقافية والحضارية هذا التسارع التنموي رغم قصر تشكل الدولة السعودية الحديثة ، ولا يملك - المحب لهذا الوطن من زاوية أخرى - إلا أن يطمئن على مسيرة ومنظومة هذا الوطن اتحاداً ونماءً وإنسانا!.
=3=
آخر الجداول
للشاعر: علي صيقل
(قبلت فيك الثرى حباً.. وفوق فمي
من اسمرار الثرى دفءٌ تملكني)