عبدالحفيظ الشمري
يقع على عاتق وزارة التعليم؛ بهيئتها وتشكيلها الجديد؛ الكثير من المهام، والخطط، والرؤى، التي ستسهم - بحول الله - في بناء منظومات تربوية وتعليمية جديدة، تُزَوِّدُ القطاع التعليمي بالخبرات الأكاديمية والطاقات الفنية، والخريجين الذين ينتظرون دورهم في بناء التعليم بكافة مراحله.
ففي هذه الأيام تسعى الوزارة جاهدة للاستعداد للعام الدراسي الجديد من خلال وضع تصورات جديدة للعمل التعليمي في مراحله المختلفة؛ في التعليم العام، والجامعي، وللبنين والبنات، وما يتطلبه هذا الموسم التعليمي من وظائف وقدرات، إذ ينظر الطلاب وأولياء الأمور إليه وهو القادم بعد أيام بتحفز وترقب، لعله يسهم في ترتيب أوراق العمل التربوي والتعليمي، ويوفر كوادره التي تعد هي الركيزة الأولى لهذا العمل الكبير.
فحينما نتأمل التقارير والدراسات والبحوث التي تتناول جوانب القوة والضعف في أداء الرسالة التعليمية لا بد لنا إلا أن نتوقف عند التعليم الجامعي أو العالي حيث تواجهه الكثير من التحديات، وينتظر الكثير من الحلول الناجعة، والخطط الواقعية؛ لعلها تسهم في الرفع من قدراته وطاقاته وكوادره العاملة، ومن أبرز ما ذكرته الدراسات حول هذه التحديات في العام الماضي أنه يواجهه معضلة تسرب «هيئة التدريس» حيث ذكرت إحداها أن نسبة العاملين كأساتذة ومحاضرين في الجامعات تبلغ 25% فقط.. وهذا أمر خطير، إذ يتساءل البعض عن هؤلاء الخريجين والمحاضرين وأصحاب الدراسات العليا والأساتذة.. لماذا لا تستوعبهم أو تستقطبهم هذه الجامعات في مختلف مناطق الوطن؟!
أمر آخر لا يزال ملفه ضخم، وذو أبعاد أخلاقية، تمس شرف مهنة التعليم الجامعي، يتمثل في ملف «الشهادات المزيفة والمزورة» والتي كشفتها التجربة في منتصف العام الماضي، حينما فَصَلَت جامعة الملك خالد بمنطقة عسير أثني عشر أستاذا ومحاضرا بالجامعة بعد أن ثبت لديها أنهم يحملون شهادات عليا مزورة، والأخطر من ذلك أنها ليست لمن يتم التعاقد معهم من الخارج، إنما هم مواطنون وقد تم تحايلهم، والعبث بشرف مهنة التعليم. فمن هنا تنتظر وزارة التعليم بقوامها الجديد مهمة ضرورية تتمثل في تطهير الجامعات من هؤلاء.. حملة الشهادات العلمية المزيفة والمزورة.
ومن المواقف المؤذية في هذا التهافت على الشهادة العلمية أن هناك من أدعياء مهنة التعليم الجامعي من ذهب إلى بلاد مجاورة، وعاد بشهادة عليا، لا تدري كيف حازها، أو تحصل عليها؟! والطريف هنا أنه سعى بعضهم حتى إلى تغيير اسمه، لكي لا يبقى ذلك المعلم في المرحلة الابتدائية، أو المتوسطة، من أجل أن يتصدى للعمل الأكاديمي، وهو غير مؤهل لذلك.. فما يَعْنِيِ هؤلاء للأسف سوى مصالحهم الشخصية حتى وإن ذهب الطلاب ضحية لهذه التجارب التعسة.
فالغريب أن هؤلاء - حملة هذه الشهادات الوهمية - يتلهفون على العمل في الجامعات، بل أنهم قد لا يتورعون عن الدخول إعتسافاً في العمل الاجتماعي والثقافي، فهناك من هؤلاء ممن يحملون شهادات مشكوك في أمرها، ورفضت بعض الجامعات السعودية دخولهم فيها، إلا أنهم يخوضون ويعبثون في مجالس الأندية الأدبية، ويمارسون وصاية ثقافية هزيلة، بل ويدعون العلم والمعرفة، وهذه مشكلة تتعلق بالشق الثقافي والمعرفي الذي يتطلب تطهيره من هؤلاء.