سعد الدوسري
في فيلمه الأول «رامبو» 1982م، جسد الممثل الأمريكي سيلفيستر ستالون، عذابات المجنّدين بعد عودتهم من حرب دولتهم الخاسرة في كوريا. هذا الفيلم أزعج المؤسسات الرسمية، وهو ما لم يعجب ستالون، فأنتج فيلماً جديداً يرصد جهود حكومته في نقل الأسرى من ساحة الحرب إلى بلادهم الآمنة المطمئنة. واستمر في هذا السياق التلميعي لسياسة بلاده، فشارك في بطولة فيلم آخر، يحكي دعم الجندي الأمريكي للمجاهدين الأفغان، في حربهم ضد الاتحاد السوفيتي. وقريباً سيظهر «رامبو» المفتول العضلات، البالغ من العمر 70 عاماً (!!) كمقاتل شرس ضد جنود داعش.
هناك حرص لدى صنّاع السينما الأمريكية على فرض نموذج «السوبرمان»، وهو أمريكي الجنسية على أي حال، حتى ولو كان من أصول أوروبية أو أفريقية، أو حتى من مواليد كوكب آخر، لا يهم؛ المهم هو أن يحارب هذا الأمريكي الشرَّ والشريرين بضراوة واستماتة، إلى أن ينتصر عليهم، وإلى أن يرسّخ ويكرّس فكرة أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تصنع الشر والشريرين، كما هو متعارف عليه، بل تنقذ العالم منهم.
المخرج السوري مصطفى العقاد، الذي قُتل في عملية انتحارية للقاعدة في أحد فنادق العاصمة الأردنية عمّان في نوفمبر 2005، هو المخرج العربي الوحيد الذي نجح في إقناع المشاهد الغربي بالسينما العربية، وكان له إسهام كبير في إيصال صوت العربي وصورة نضاله ضد الاستعمار، وخاصة في فيلمه «الرسالة». ويبدو أن المؤسسات العربية، السياسية والثقافية والفنية والإعلامية، غير معنية بما تقوم به السينما الأمريكية في مجال تغيير مفاهيم وثقافات الشباب العربي، لذلك فهي تبقى متفرِّجة!