سعد الدوسري
في الثمانينيات، كانت إذاعة الرياض وإذاعة البرنامج الثاني من جدة، تقدم برامج ذات تماس مع المستمعين. وكان يخدمها أنها تبث وحيدة في فضاء المذياع المحلي، وأن التلفزيون لم يكن بهذا الحجم من التأثير. كان هناك أيضاً ولع لدى معظم الناس بالثقافة وبمتابعة المستجدات، ولم تكن هناك حينذاك تقنية تنافس الإذاعة في متابعة الشأن اليومي العام.
أذكر أن منسقي برامج الإذاعة كانوا يتسابقون ليظفروا بمشاركة الكتّاب الصحفيين في برامجهم الصباحية أو برامج بعد الظهر أو برامج المساء والليل.
أنا لا أمزح.
كان لكل برنامج نكهته،
للصباح برامج تختلف عن برامج الظهيرة،
للمساء برامجه، ولمنتصف الليل برامجه.
كانت الإذاعة حياة حقيقية، تشبه حياة القنوات التلفزيونية الجماهيرية اليوم؛ الكل يخطب ودها، والكل يتابعها.
اليوم، صار حال الإذاعة مثل حال الفارس الجريح، بل مثل حال الفارس المحتضر. لا أحد من المسؤولين يهتم بها، لا أحد من المبدعين يعمل بها، ولا أحد من المواطنين يستمع لها. وسوف لن نحمّل التطور التقني مسؤولية هذا الاحتضار. على الإذاعة أن تناضل لتبقى منارة إعلامية، عليها أن تتطور وفق المعطيات التقنية المتطورة، لا أن تستكين لمبررات الموت.
الفنان عبدالحسين عبدالرضا، قدم عبر إذاعة الكويت، مع الكاتب مبارك الحشاش، مسلسلاً إذاعياً في رمضان، عنوانه «وعد الحر». نجاح هذا المسلسل سيكون درساً لكل الكسالى وأصحاب الأعذار الواهية، الذين يدعون أن الإذاعة ماتت.