جاسر عبدالعزيز الجاسر
أنظمة الحكم المشاغبة وغير المنضبطة، مثل الأبناء الذين يكون بعض منهم من الأولاد المشاغبين الذين إن لم يؤدبوا ويربوا يستمرؤوا شغبهم و»شيطنتهم» حتى يشبوا ليصبحوا مجرمين يعاني المجتمع منهم، ومثلما يتضرّر المجتمع المحلي من عدم تلقي الأولاد تربية حسنة تجعلهم مشوّهين سلوكياً فيشبون مجرمين عتاة، كذلك هو مصير الأنظمة المشاغبة التي إن لم تجد من يصوّب سلوكها وأفعالها الشاذة، فإنها تواصل انحرافاتها ويتجاوز خطرها الإقليم الذي توجد فيه إلى أنظمة شريرة تهدّد العالم بأسره. فنظام واحد منفلت يدمر عدداً من الدول كما فعل ويفعل نظام ملالي إيران الذي عاث فساداً في العديد من الدول المجاورة وأوصل لبنان وسوريا وحتى العراق إلى مستوى الدول الفاشلة، وحاول مع مملكة البحرين وإذربيجان واليمن ودولة الكويت وحتى المملكة العربية السعودية، ولعملائه وأذرعته الإرهابية محاولات في مصر والسودان والمغرب والسنغال وتركيا.
مثل هذا النظام لا يشكِّل خطورة على شعوب ودول الإقليم الذي يوجد فيه فحسب، بل يمتد خطره إلى باقي دول العالم كون الأسرة الدولية في هذا العصر متشابكة المصالح وتؤثّر الأحداث والأزمات التي تحدث في دول أخرى بالدول حتى وإن كانت بعيدة جغرافياً، ولهذا فإن الأسرة الدولية أنشأت منظمات ومجالس متخصصة لتثبيت الأمن والاستقرار في كل دول العالم، فبالإضافة إلى مجلس الأمن الدولي، تكوّنت مجموعات وأحلاف سياسية وعسكرية تعمل على الحفاظ على أمن ومصالح الدول الأعضاء المنضمة لها. كالحلف الأطلسي وقبله حلف وارسو، يُضاف إلى ذلك منظمات دولية وإقليمية كمنظمة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، منظمة التعاون الإسلامي، والكمونولث البريطاني ومجموعة شنغهاي وتكتل الإسبان والاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون لدول الخليج العربية وغيرها من المنظمات والتجمعات الإقليمية والقارية.
مع هذا وكل ما تقوم به الدول لتحصين أمنها والحفاظ على استقرارها والدفاع عن مصالحها إلا أن هناك الكثير من الأنظمة المنفلتة والشريرة، حيث تعاني منطقتنا العربية من الكيان الإسرائيلي الذي أنشئ وأقيم في قلب العالم العربي ليكون شوكة تدمي الجسم العربي، والذي تسبب في الكثير من الحروب التي جلبت الدمار والقتل للعرب، وأدت إلى العديد من الأزمات، ولا يزال هذا الكيان يمارس دوره التخريبي ويعرقل عمليات التنمية والتطور في الوطن العربي، إضافة إلى الكيان الإسرائيلي الذي يعده العرب والمسلمون - وهم على حق - عدواً دينياً وإستراتيجياً وقومياً، انضم نظام ملالي إيران إلى حالة التهديد والخطورة والتأثير السلبي على مسارات التنمية والتطور، بل أصبح مهدِّداً للسيادة الوطنية والهوية القومية، حتى عُدَّ من قبل الكثير من العرب أخطر من العدو الصهيوني، إذ امتد الشغب الإيراني إلى أكثر من قطر عربي وأصبح بنظرته التوسعية ومخططاته وأطماعه العنصرية المغلفة بطائفية مقيتة، مهدداً للهوية العربية ومشوّهاً للدين الإسلامي الصحيح ومخترقاً للسيادة الوطنية بما يتساوى مع الاحتلال الأجنبي، وهو ما نراه يتجسد في سوريا بالذات ولبنان مع محاولات قسرية في العراق، وتدخلات سافرة في البحرين والكويت والسعودية واليمن.
أفعال نظام ملالي إيران أكسبته بجدارة صفة العدو الإستراتيجي والقومي والمذهبي، وهو ما يستدعي أن يتم التعامل معه وفق هذه الصفة التي يلمسها ويعلم بها كل المواطنين العرب غير الملوثين فكرياً ولا مذهبياً.