سمر المقرن
في ظل الأوضاع المنتكسة في العراق من كافة الجهات، وسيطرة الإرهاب الإيراني عليها، سواء بجانبها السني المتمثّل في داعش، أو في جانبها الشيعي الموالي بشكل علني لإيران، فإن أوضاع المرأة العراقية تبدو في وضع مخيف جراء ما تتعرض له من جرائم على رأسها جريمة ما يُسمى بزواج «الفصلية» أو زواج «الدم» والحدث الأخير الذي تم في مدينة البصرة من تقديم 51 امرأة من بينهنّ فتيات قاصرات كفدية بعد خلاف مسلح بين عشيرتين، حيث يتم تزويج كل فتاة لفرد من عشيرة المقتول لتبقى لديهم كأسيرة لا كزوجة!
إن هذه الانتكاسة التي تعيشها المرأة العراقية جراء الحروب والنزاعات المسلحة، هي حالة تشي بعودة الجهل وسيطرة الأعراف المُتخلّفة والتي كان قد تجاوزها العراق المتمدن الذي عرفناه، والذي كان منبرًا للحضارة من عصور ما قبل الميلاد عندما ظهر منهم اختراع الكتابة بالحجر من داخل الكهوف والمعابد والكتابة على الألواح وأوراق الشجر بالخط السومري. وكان التآمر على العراق كونها رأس الحضارة العربية والإسلامية منذ قديم الأزل، ولا يمكن أن ننسى هجمات التتار على مكتبة بغداد في حرب على الحضارة ما زالت تتكرر في صدر العراق إلى هذا اليوم.
المرأة العراقية هي ركن أساسي من حضارة بلاد الرافدين، لذا هي من أهم أهداف التدمير المصوب تجاه العراق. والتاريخ الحديث مشرق بالحركة النضالية النسوية التي عندما نستحضرها لا بد أن نتذكر بعض الأسماء المهمة التي أشعلتها، مثل أمينة الرحال التي كانت تُمارس مهنة المحاماة منذ الأربعينيات، بل هي كما يقال أنها أول من قادت السيارة، ونزيهة الدليمي التي أسست في الحقبة ذاتها جمعية نسائية حقوقية، وكثير غيرهن لا يتسع المجال لذكر مناقبهنّ، واليوم المرأة العراقية في غفلة من الزمن تُسبى بين العشائر وتُهان تحت مرأى الحكومة في مجتمع يُقدّم نفسه كمجتمع مدني!
ما يحدث في العراق وبغض النظر عن مدى اختلافنا مع أخطاء صدام حسين - رحمه الله- إلا أنه يدعونا إلى الترحّم عليه وعلى عهده، فبكل سلبياته لا يمكن أن توازى المصائب التي نراها اليوم في عهد ما يُسمى بحكومة مدنية، بل إن زواج الفصلية كان عادة قديمة توقفت في عهده، وها هي اليوم تعود وكأن صدام حسين حتى وهو ميت هو المعني من الانتقام والمقصود بالمؤامرة. فهذه الممارسات الهمجية كانت تحدث قديمًا، وها هي تعود اليوم وكأننا في زمن توقفت ساعته وتعطّلت بوصلته الأخلاقية فتعيدنا دون أن ندرك إلى العصر الجاهلي، لتكون المرأة هي الثمن البخس لجرائم الذكور.
مع كل هذه الأحداث التي تمر يوميًا في عالمنا العربي، يتبيّن أن الوعي في تراجع، والفكر يعيش حالة من السطحية التي بدأنا نلمس آثارها على كافة جزئيات حياتنا، ولا تعتقدوا أن ما يمس المرأة العراقية أو أي امرأة أخرى من أي جنسية عربية لن تمتد آثاره على غيرها من النساء!