سمر المقرن
أعجبني مستشفى مدينة الملك عبدالعزيز الطبية بالحرس الوطني، في تعامله الصريح مع فيروس كورونا، فهو لم يخفِ أو يواري كما تفعل -بعض- المستشفيات الأخرى التي تُنكر هذا الوباء، إنما بكل صراحة أعلن عن إغلاق قسم الطوارئ، وقبل هذا الإعلان كان قد قام بتقليص مواعيد زيارة المرضى بسبب هذا الفيروس.
أنا هنا لا أهوّل من الأمر أو أحاول أن أبالغ من حجم الكارثة، إنما كورونا هو كارثة بالفعل، لسبب بسيط وهو ليس حجم الإصابات ولا الوفيات التي صارت تنافس في العدد حجم وفيات حوادث المرور، إنما بسبب عدم وجود فكرة محاربة هذا الوباء، مع أننا نمتلك أفضل مستشفيات وأكبر مراكز أبحاث طبية، ولدينا إمكانيات هائلة يمكننا من خلالها الاستعانة بالمراكز البحثية والعلمية والطبية بالخارج ونطلب العون والنجدة لاكتشاف علاج أو مصل على الأقل يخفف من مصيبتنا في هذا الوباء، ليس لدينا الآن سوى الوقاية، وحتى وزارة الصحة ليس لديها سوى إرشادات الوقاية وهذا جيد، إنما الوقاية هي مرحلة ولا يمكن أن تنجح خصوصًا مع من يتعامل مع المرضى بشكل مباشر، والذي شهدنا أن أغلب الإصابات من بينهم، فهذا الوباء أفقدنا عددا من الكوادر الطبية المرغمة على مواجهة المريض، والأمر الأكثر سوءًا هو التعاطي العشوائي مع هذا الوباء وقلة التدريب مع قلة الحيلة!
عندما أتأمل هذا المشهد المخيف ونحن نعيش في حالة وباء لا يقابلها أي تحرك مضاد لإيقافها، أتساءل: هل فيروس كورونا أكثر صعوبة في مواجهته من الجدري أو الطاعون؟! وهل يجب أن ينتشر الوباء في دول أوروبا وأمريكا لنحصل على دواء أو مصل يوقف هذا المد الوبائي؟ حقيقة، مع أنني لا أتحدث من منظور طبي لأنني لست متخصصة إنما حديثي من منظور إنساني بعد ثلاث سنوات مرّت علينا ونحن نعيش وسط حالة رعب من فيروس كورونا، وعن قصص انتشاره ووفياته وسط تحذيرات من عدم الذهاب إلى المستشفيات والتي لا يذهب لها الناس إلا مجبرين!
إن انتشار هذا الوباء والذي مصدره حيوانات الإبل في السعودية، لم يعد داخل نطاقنا الجغرافي، بل المصيبة وكما ذكر تقرير البعثة الصحية التابعة لمنظمة الصحة العالمية، أن هناك أكثر من 20 بلداً لديها إصابات بهذا الفيروس، وأنها جميعها قد وصلت لها العدوى من الشرق الأوسط، بمعنى أننا نصدّر الوباء وقد يكون خلال سنوات قليلة وباء عالمي بسبب الإبل والبعارين التي تعيش ليموت البشر!
بكل صدق، وبعد كل هذه السنوات من الوباء هل تم فحص الإبل؟ هل قامت وزارة الصحة بتتبع مصدر العدوى ومحاولة إزالتها؟ لم أسمع أنه تم إعدام جمل بسبب أنه مصدر عدوى، ولم أسمع حتى بأن هناك فحص للبعارين سبب العدوى.
إن مواجهة الأوبئة تأخذ بلا شك شقا وقائيا كالذي تنادي به وزارة الصحة مشكورة، إنما أيضًا تحتاج إلى جانب مهم وهو اكتشاف مصل أو علاج مضاد لهذا الفيروس، لكن متى؟ الله أعلم!