فهد بن جليد
قليلون منا يُدربون أطفالهم على الطريقة السليمة للكلام، وكيفية النطق الصحيح لمخارج الحروف - على الأقل هذا ما أشعر به من حولي - نحن نُجيد فقط الصراخ في وجه الصغار، لتنفيذ الأوامر؟!.
قبل نحو ثلاثة أعوام عُقدت دورة لمذيعين سعوديين في الخارج، وضع المُدرب يده على رأسه، بعد أن سمع صوت الحضور؟! وقال ليُمسك كل منكم (بقلم رصاص) ويضعه تحت لسانه، ليتعلم نطق الحروف من مخارجها الصحيحة، المُخجل أن من بين المُتدربين مٌذيعين معتمدين لنشرات الأخبار، وخريجي كليات الإعلام واللغة العربية، ولكن لا أحد يُعلم الطلاب كيف يتحدثون بشكل صحيح، فنحن نتعلم على الورق فقط، بل إن وضع منديل على بُعد شبر واحد فقط من (شفاه المُتحدث)، قلل تدريجياً من خروج النفس الزائد، وحسّن الصوت، عند مُعظم السعوديين!.
المُشكلة الكُبرى كانت في طريقة إدارة (الحوار تلفزيونياً)؟!
شبابنا كانوا يُعبرون عن جانب واحد، ويتحدثون (بثرثرة) أكثر من الضيف، فهم المُرسل، والمُعلق، مما حدا بالمُدرب لدعوتهم إلى إعادة فهمه معنى (إدارة الحوار)، وأن السماع جزء من مهمة المُحاور، وأنه ليس بالضرورة أن يتفق الجميع على الجُمل والأفكار، فقد نختلف في المُصطلحات لفهم القضايا والحاجيات، ولكننا متفقون في النهاية!.
ليس بالضرورة أن تنتهي حواراتنا بالزعل، ونتشدد لمواقفنا، فكل شيء قابل للتطوير طالما أنه لا يخالف الدين أو الثوابت الوطنية!.
قوة الصوت، ونبرته، وتعاير الوجه، ونوع المُصطلحات، وحسن الاستماع، كلها عوامل مهمة في نجاح الحوار مع الآخرين!.
طريقتنا في الحوار هي الأخرى لم نتعلمها من المدارس، التعليم لدينا لا يدعم الطلاب أو يدربهم عملياً على الحوار، والاستنباط، والاختلاف الصحي في الآراء مع الآخرين، رغم أن القرآن دعا للحوار، إلا أن مُعظمنا يتعلم الرأي الواحد، ويتعصب للفكرة الواحدة، حتى أننا لم نعد نقبل الاختلاف أو نتحاور معه، نحن نُتقن المُجادلة، أو المُناكفة، أو المُناقشة الحادة.. سم الأمر ما شئت، ولكن أنظر إلينا كيف نتخاصم مع من يختلف معنا في أبسط الأشياء الحياتية اليومية؟ بل إننا نبحث عن نقاط الاختلاف. أكثر مما نبحث نقاط الاتفاق، لنتصالح مع غيرنا؟!.
هذا لن يتغير بالمجالس والمراكز ما لم نبدأ من المنزل أولاً، حاور طفلاً تكسب رجلاً!.
وعلى دروب الخير نلتقي.