د. خيرية السقاف
خالد الفيصل ، الشاعر النابض بالإحساس، والإداري الحازم، كان أن تلمّس وجع الشباب العاجز عن الزواج، إذ في البحث الميداني ثبتت حقيقة ارتفاع نسبة العنوسة في المجتمع، وجاء السبب الرئيس في هذه النسبة هو ارتفاع قيمة المهور المادية،
فذهب الفيصل ولأول مرة يحدث أن يذهب أحد نحو تقنين المهر، واتخاذ قرار ذي صبغة نظامية بتصديقه من المحكمة ليعمم على الجميع فيلتزمونه بموجب سيادته..
هذه خطوة جلية أهدافها، تمكن الجميع من الإقبال على الزواج بلا شك في اطمئنان ولكن،
هل جميع مشكلات الزواج هي فقط المهور المرتفعة القاصمة لظهر الشرائح الأكبر في المجتمع..؟
بكل تأكيد لا ليست المهور فقط هي ما يعاني منها المقبل على الزواج ، إذ يكاد شأن زواج الشباب يقتصر على ذوي الاقتدار المادي، الذين هم المتمكنون من التنافس في مظاهره، وفنونه، ومبتكراته، الباذلون له من المال ما لا يهز دخلهم ، أو يقضي على أيام سهر في كيفية سداد دين من أجله، أو حسرة عجز عنه، بدءاً بحذاء العروس «وبشت» العريس، مروراً بقاعة العرس وما أدراك ما لها وما فيها، وقوفاً عند مفتاح باب بيتهما، وتكاليف نزوله في كفيهما، وما في داخله،.
فكل الأطراف تتكالب على هؤلاء الشباب، من تجار ملابس، وأثاث باختلاف أغراضه وصناعته،، و،، ونحوهما، كذلك من مالكي عقار، ومؤجري قاعات أفراح، ومعدي عشاء العرس، و.. و..، الدخل لا يكفي ، واليدان صفران، فكل مبتدئ ليس من المفترض أن يكون له والدان مقتدريْن على تحمُّل النفقات والقيام بسفك عشرات الآلاف من أجل زواجه فتُجرُّ الأسرة بأفرادها نحو قائمة ديون لزواج فرد فيها في مقتبل عمره ووظيفته، لمجرد أنه أقبل على مشروع بشري دعا إليه رسول الهدى عليه الصلاة والسلام للعصمة بالتماسه بمهر ولو كان خاتماً من حديد..
إذن فمشكلة زواج العانس فتاة أو فتى ليست المهور وحدها، وإنما هي جملة ما يتعلق بكل هذا المشروع وعن كل من يرتبط به من مؤونة مكلفة وقاصمة ومحرجة.
إنّ المشروع يتطلب أن يتم تضافر جمعي نحو نبذ العادات الفاشلة المعجزة لسنّته في البشر ، ولديمومة سيرورة الطبيعة البشرية في الحياة بيسر، ووعي، وشعور بالمسؤولية ، فأقل الناس تكاليف في أمر الزواج أكثرهم بركة، كما هي السنّة النبوية العظيمة تيسيراً، وتنظيماً، ودعوة للتطبيق.
ولأنّ ما اتخذه الفيصل رعاه الله يقضي على نصف عثرة الزواج « المهور»، فليقض الجميع معه على النصف الآخر من العثرة، ويأتي أولهم جميع التجار ممن له علاقة، وجميع مالكي العقارات، ثم الأهم عادات وغرت في العقول، ولن تبارحها قبل أن يغسل ويطهر كل ولي أمر، وكل مقدم على الزواج قلبه قبل فكره منها.