ناصر الصِرامي
وجه الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة بعقد لقاء عاجل لشيوخ القبائل لإعداد وثيقة لمعالجة ارتفاع المهوربالمنطقة، للحد من ارتفاع معدلات العنوسة. وهناك مبادرات في هذا الشان في بعض المناطق، إضافة إلى مشاريع الزيجات الجماعية الخيرية.
دراسة سعودية صدرت مؤخرا- بحسب إحدى الصحف المحلية-، أشارت إلى ارتفاع نسبة العنوسة في المملكة هذا العام إلى 4 ملايين فتاة، مقارنة بـ1.5 مليون فتاة في عام 2010م.كما في إحصاء صادر عن وزارة التخطيط.
هذا هو الجانب الخبري في الموضوع، وأتذكر أن غلاء المهور كان موضوعا ثابتا ومملا في حصة التعبير.. الخالية من التعبير! لكن في تصوري أن الجانب المهم في عملية تحديد المهور وتسهيل الزواج ليس الحد من العنوسة فقط. هناك جانب مهم آخر سيتحقق ويستحق الاهتمام.
أغلب أعمار منفذي الهجمات الانتحارية من غير المتزوجين و تتراوح أعمارهم ما بين 16 - 30 عاما أي ذروة الرغبة الجسدية الجنسية. للأسف لا أحد يصل لبحث وتحليل دور العامل الجنسي في الإرهاب وتجنيد الارهابين المراهقين، رغم أن أدبيات التطرف والجماعات التكفيرية الإرهابية، لاتخلو من استغلال علني لهذا الجانب عبر ما تقدمه من إيحاءات وإغراءات ودعوات صريحة.
حيث يقدم الجنس صراحة لشحذ الإرهاب والتجنيد، وتنفيذ العمليات الانتحارية التى تستهدف وتقتل دون استثناء وصولا للمساجد والمصلين..
الكبت الجنسي لدى الشباب أمر ليس بالسهل إطلاقا، يقود «العزاب» والمراهقين، في مراحل سنية مختلفة إلى اتخاذ قرارت جنونية وانتحارية، والى الانقياد إلى دعوات وأحلام ووعود أدبيات الجماعات المتطرفة والإرهابية ودُعاتها، انظر سريعا إلى جهاد النكاح، وعودة الجواري، وبيع السبايا، وسوق رقيق للنساء ونحوها، وقبل ذلك طريقة تصوير «الحور العين» وعددهن وتقديم وصف تفصيلي متخيل عنهن ، وهو ما يراه المكبوت جنسيا حلا نهائيا لمعضلته!
لقد استغل بعض دعاة التطرف، والتنظيمات الإرهابية الجهادية دوما هذا الجانب.والآن داعش بدعاية موسعة، وصلت لاستغلال الشذوذ، فقد استحضروا تلك الصورة الخلابة للجنة، وحقنوها في مخيلة الشباب المحبط والمكبوت اجتماعيا وجنسيا، لتسويق مشروعهم الإرهابي (الجهاد)، وباسم تلك المغريات المنتظرة دفعوهم إلى الموت، وأصبح القتل والتفجير والعمل الانتحاري أقصر الطرق إلى الملذات النهائية، حيث الخمر والعسل ونكاح الحوريات والغلمان، ليتمتعوا إلى الأبد حتى أصبح هناك طابور طويل من الانتحاريين السعوديين، بانتظار هذه الرحلة!
يقول المحلل النفسي «يونغ»: «إن الكبت الجنسي ليس مجرد كبت غريزة, بل إن خطورته تجعل الإنسان يتدهور روحياً ومعنوياً، عذاب نفسي وإحساس عميق باليأس وانعدام القيمة، الجنس هو طاقة حيوية وإيجابية تعمل على توازن الشخص روحياً ومعنوياً، والمكبوتين جنسياً يشعرون أن مرتبتهم الإنسانية قد هبطت إلى مستوى المعوق أو المجنون».
لذا يصبح الكبت المحرك القوي في النظام النفسي لدى الإنسان، ونقطة ضعف ملائمة لتحول الكثير من الشباب إلى الجماعات الارهابية بحث عن قيمة، ثم الاعتقاد بالوصول السريع إلى الملذات المنتظرة بعملية انتحارية تختصر العذابات النفسية.
الكبت الجنسي ينتج عن تحكم الفرد بطاقته الجنسية، ومنع رغبته بها، وحبسها إلى حين تفريغها في الوقت والمكان المناسبين، أي من خلال الزواج، فإذا كان الزواج، يمثل الحل السهل للمشكلة الجنسية، إلا أنه لم يعد اليوم بنفس السهولة واليسر في ظل ارتفاع المهر وتكاليف الحياة.
الزواج يحقق الاستقرار، وبالاتصال الجنسي بين الزوجين يتحقق الإشباع، وبالعلاقات العاطفية والزوجية يتحقق الاستقرار النفسي.
صحيح أن هناك مشاكل اقتصادية قد تنتج عن الزيجات الجماعية، لكنها مشاكل اقل بكثير من نتائج العنوسة والكبت الجنسي.. والضحك على المكبوتين وتحويلهم إلى أشلاء من نار، خدمة لأهداف الجماعات الإرهابية..!