حمّاد السالمي
* ما معنى أن تحقق نجاحاً باهراً على مستواك الشخصي أو الأسري والمجتمعي والوطني؛ ثم يتصدى لك من يشكك فيك، ويقلل من نجاحك، بل ويتهمك بالخيانة والعمالة لأعداء دينك ووطنك.
* هذا ما يحدث بشكل عادي في: (بلاد العرب أوطاني.. من الشام لبغدانِ.. ومن نجد إلى عدنٍ.. إلى مصر فتطوانِ)..! لكنه ظهر هذه المرة متجلياً في صورة دينية وفكرية ووطنية، من قبل أولئك المنضوين تحت لواء جماعة الإخوان المتأسلمين في مصر تحديداً؛ وفي (بلاد العرب أوطاني)..!
* رفعت (مصر المحروسة) شعار نجاحها الكبير في كلمتين طيلة يوم فرح عارم شمل كل العالم فقالت: (مصر تفرح)، ورفع أعداؤها ومن تأخون معهم من العرب العاربة والمستعربة شعارهم المضاد للنجاح: (مصر تترح)..! وقف الفاشلون على كافة الصُّعد في وجوه الناجحين على كافة الصُّعد. جعلوا من الفرح ترحاً؛ وهو إنجاز عالمي بهر العالم وأفرح المصريين والعرب والعالم أجمع..!
* مشروع حفر وتعميق وتوسيع وتأهيل قناة السويس من جديد، الذي حققه المصريون بسواعد سلاح المهندسين في الجيش المصري، هو إنجاز كبير، لا يقل أهمية عن شقها لأول مرة عام 1869م. إنجاز غير مسبوق تحققه الحكومة المصرية وشعبها في وقت قياسي لم يتعد عام واحد، رغم ما تواجهه مصر في عهد السيسي من تآمر إقليمي ودولي، وما تلاقيه من عدوان إرهابي على أيدي جماعة الإخوان وبقية الجماعات المتعاطفة معها على حدودها وفي مدنها وبلداتها، ففي هذا الوقت الذي راح المصريون يحفلون بإنجازهم الكبير، راحت جماعة الإخوان المتأسلمين تحارب هذا الفرح، وظهر ردحها وردح أذنابها وأتباعها يطفح قيحاً من على الفضائيات المحسوبة على التيار المتأسلم، ومن خلال وسائل التواصل والمظاهرات في حارات شعبية، وزنقات منزوية، وأخذ عملاؤها وأنصارها المخدوعون بخطابها الظلامي، يشوهون صورة مصر المحروسة، وينتقصون من إنجازها العالمي في قناة تربط بين قارات العالم شرقه وغربه وشماله وجنوبه، وهي التي سوف تدر على مصر وشعبها مئات مليارات الدولارات سنوياً، وتوفر من الفرص الوظيفية للشعب المصري مئات الآلاف.
* مصر المحروسة.. هكذا تعرف لدى المصريين منذ زمن قديم. وهي عُرفت منذ فترة مبكرة بتسميات قريبة من كلمة مصر الحالية، مثل كلمة (مجر) أو (مشِر)، والتي تعني المكنون أو المُحصّن… وهي كلمة تدل على كون مصر محمية بفضل طبيعتها، ففي الشمال بحر، وفي الشرق صحراء ثم بحر، وفي الجنوب جنادل: (صخور كبيرة) تعوق الإبحار في النيل، أما الغرب فتوجد صحراء أخرى.
* ومصر محروسة بثروتها البشرية الهائلة، وبأرضها الغنية بخيرات الأرض، وبعمقها التاريخي الممتد منذ عهد الفراعنة، ومحروسة بطوقها العربي المرتبط معها بكل أواصر الحب والتعاون ضد قوى الشر في المنطقة وفي خارج المنطقة.
* مما لفت نظري في احتفالات مصر بقناة السويس الجديدة؛ ظهور اليخت التاريخي الشهير (المحروسة)، الذي هو أول مركب يفتح السير في القناة الجديدة؛ فحمل إلى جانب رئيس مصر الحالي عبد الفتاح السيسي بطل القناة الجديدة؛ زعماء وقادة وأقطاب مال وتجارة واقتصاد من مختلف دول العالم. وقبل هذا الظهور المبهر، كان (المحروسة) أول مركب يعبر قناة السويس بعد فتحها عام 1869م، وظل يحمل ويجمع قادة عالميين كباراً على مدى 146 عاماً خلت. الخديوي إسماعيل. أمراء وحكام من أوروبا. محمد رضا بهلوي. الملك فاروق الأول. الملك عبد العزيز آل سعود في زيارته الشهيرة لمصر عام 1946م. وغيرهم كثير.
* من المؤكد أن تسمية اليخت التاريخي الشهير (المحروسة)؛ أخذ اسمه من اسم مصر المحروسة ذاتها، ففي عام 1863م؛ أمر الخديوي إسماعيل والي مصر ببناء اليخت، وفي شهر أبريل عام 1865م؛ أتمت بناءه شركة (سامودا) البريطانية في لندن، وأبحر اليخت لأول مرة في شهر أغسطس 1865م من ميناء لندن على ضفاف نهر التايمز الإنجليزي إلى ميناء الإسكندرية المصري، وكانت أبعاد اليخت وقت ذاك: 411 قدما طولاً، وعرض 42 قدماً، وحمولته 3417 طناً، بمحرك بخاري يعمل بوقود فحم حجري، ويعمل بنظام الطارات الجانبية بسرعة حوالي 16 عقدة في الساعة، وكان يزينه مدخنتان؛ علاوة على ثمانية مدافع من طراز أرمسترونج للحماية من أي إغارة بحرية، ثم جرت تحسينات وتحديثات كبيرة عليه، وسمي في عهد الرئيس جمال عبد الناصر (يخت الحرية)، لكنه يأبى إلا أن يخلد اسم (مصر المحروسة) في عهدها الجديد الميمون.
* مهما زمّروا وترّحوا وردّحوا؛ فإن مصر اليوم تؤكد أنها (محروسة) من جديد، فهي تكافح الإرهاب وتنتصر على الإرهابيين، وهي تبني وتشيد ما يدعم مستقبل أجيالها، وسوف يظل نجاحها غصة في حلوق أعداء النجاح من الجماعات الإرهابية المتأسلمة في مصر وعلى حدود مصر، ذلك أنه كما يقال: النجاح خطيئة يرتكبها المرء بحسن نية، ومع ذلك لا يغفرها له الآخرون. وصدق الشاعر الذي قال:
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه
فالقوم أعداء له وخصوم
كضرائر الحسناء قلن لوجهها
حسداً وبغضاً إنه لدميم