حمّاد السالمي
* منذ سنة ونصف؛ وأنا شخصياً أترنح ذات الشمال وذات اليمين، أستجدي خدمات الاتصال والإنترنت من الشركات المنوط بها تقديم هذه الخدمة في عموم المملكة. أظن أني ضربت رقماً قياسياً في التشكي وعدد البلاغات التي لا أحصد من ورائها إلا الرسائل المعتادة: (جار تنفيذ الطلب)..! ثم
بعد حين من الوقت: (تم إجراء اللازم وقفل الطلب)..!! وحقيقة الأمر؛ أني لم أشهد أي إجراء يُذكر.
* كنت أظن أني وحدي في الحي الذي أسكنه من يعاني من هذا (الخسران والخصران) من شركات الاتصالات. اكتشفت بعد وقت؛ أني لست وحدي في الحي، ولا في مدينتي. (كلنا في الاتصالات شكوى)..! عرضت المشكلة التي تعاني منها الطائف المدينة ومراكزها وخمس محافظات خلفها في مجلس المحافظة الأسبوعي، وأنا أتحدث عن بلاغات مسجلة أحتفظ بعشرات منها، ولدي شكوى خطية لهيئة الاتصالات بعد فشل الاتصالات الهاتفية؛ لم تلق أي عناية أو اهتمام من الهيئة التي يُفترض أنها تحمي العملاء وتحفظ حقوقهم.
* فوجئت أن الكل ممن حضر الاجتماع يشاركني الشكوى، ويشاطرني هذا الهم، حتى قال لي أحدهم ونحن نغادر المجلس: «الطائف مثل غيرها في سوء الخدمة. ائتني بمحافظة في عموم المملكة أو حتى حي في مدينة لا يعاني من سوء وقصور خدمات الاتصالات بعمومها: هواتف عمومية وجوالات وإنترنت»..
* لا يحتاج أحد منا إلى تأكيد هذا الكلام، لأن الكل يعيش المشكلة، ولأن الصحف الورقية والإلكترونية والوسائط الاجتماعية كافة تتحدث عن هذا ليل نهار، فهذه صحيفة عكاظ عدد يوم الأربعاء 10 يونيو الحالي، تعرض على ثمانية أعمدة في نصف صفحة مشكلة أهالي منطقة الباحة، وتقول: (الأهالي يطاردون البث في قمم الجبال، والشركات تكتفي بحصاد الفواتير.. الباحة خارج سرب التواصل)..!
* وفي الصحيفة ذاتها عدد يوم الأربعاء 27 مايو الفارط، يأتي أهالي محافظة القنفذة على ثمانية أعمدة وفي نصف صفحة؛ ليعرضوا معاناتهم مع شركات الاتصالات: (لوحوا بتقديم شكوى لتقنية المعلومات.. أهالي القنفذة: الشبكة عزلتنا وعطلت المصالح والمعاملات).
* وتابعت تقارير كثيرة نشرت عبر صحف إلكترونية ومواقع مختلفة تعرض شكاوى الناس من سوء خدمة الإنترنت في محافظاتهم ومراكزهم ومدنهم وأحيائهم، وآخرها ما نشر قبل أيام عدة عن مركز سديرة من جنوب الطائف.
* وقبل شهرين فقط؛ نشرت صحف ورقية وإلكترونية غدة تقريراً صادراً عن هيئة الاتصالات نصه: (استقبلت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات خلال العام المنصرم نحو 31656 شكوى؛ عولج 97 % منها. وأشار تقرير رسمي إلى أن الشكاوى من مشتركي خدمات الاتصالات المختلفة المتنقلة والثابتة، تضمنت شكاوى مختلفة بخصوص الفواتير، والإزعاجات الهاتفية، وجودة الخدمات أو عدم توفرها، وفصل الخدمة وغيرها من الخدمات).
* هذه شكاوى تصل إلى ما يقارب 32 ألف شكوى، وهذا رقم متواضع إذا ما قيس بالشكوى التي أصبحت متلازمة بين الناس؛ حتى قال أحدهم متهكماً على هذه الحالة: (لا تجد مُشتركَين اثنين في خدمات الاتصالات؛ إلا والشكوى ثالثتهما)..! أما نسبة المعالجة المذكورة فقد تكون صحيحة، ولكن على طريقة ما أعرفه ويعرفه غيري من رسائل (فاشوش)؛ ليس فيها من المعالجة إلا اسمها، إذ لو عولج هذا الكم الكبير من الشكاوى كما ينبغي؛ لما استمرت معاناة العملاء مع خدمات الهواتف والجوالات والإنترنت.
* كنا نظن أن تحويل خدمات الاتصالات من القطاع الحكومي إلى قطاع استثماري؛ سوف يوفر لنا الجودة التي نطمح إليها في هذه الخدمة التي هي عصب الحياة اليوم، وكنا نظن أن وجود هيئة مشرفة سوف يحفظ للعميل حقه في جودة الخدمة، وعدم ابتزازه بعروض وباقات توفر خدمات وهمية في الغالب، حتى إذا دخل العميل في شرك عرض من هذه العروض، فإنه لا يستطيع الانفكاك منه، ولا يستطيع استرجاع حقوقه، ولا أحد يسمع له لا في شركات الخدمة، ولا في هيئة الاتصالات.
* الكل منا يتمنى أن يمر أسبوع أو شهر دون أن يسكت هاتفه الثابت، ودون أن يفقد الاتصال بالجوال في أمكنة تجواله، ودون أن تقف أو تتقطع خدمات الإنترنت في منزله أو جهازه الكفي، خاصة وهو يدفع ما يطلب منه بشروط وطرق شركات الاتصالات كما تريد هي، لكن مثل هذا التمني يبقى تمنياً وحلماً، إلى أن نجد هيئة الاتصالات تقف مع العملاء، وتحفظ حقوقهم، وتوضح لنا على أقل تقدير: لماذا هذا التردي في خدمات الاتصالات..؟! ولماذا هذا (التطنيش) الذي تواجه به شكاوى الناس من سوء خدمات الاتصالات، سواء من شركات الخدمة ذاتها، أو من الهيئة..؟!!
* قد يأخذ مقالي هذا؛ مكانه مع (بلاغاتي أو شكاياتي) السابقة عند شركات الاتصالات وهيئتها الموقرة، ولهذا أجمِّله بهذا البيت الشعري البليغ لبشار بن برد، غفر الله له ولنا جميعاً:
ولابد من شكوى إلى ذي مروءة
يواسيك أو يسليك أو يتوجع