د. عبد الله المعيلي
لا ريب أنه تشكلت عن المواطن الخليجي أو بالأحرى المواطن في الجزيرة العربية عامة، سواء في الدول العربية، أوفي دول الشرق والغرب، تشكلت انطباعات وصور ذهنية مشوهة بشعة خلال الإجازة الصيفية، صور قوامها وسماتها أنه مجرد دفتر شيكات متحرك، يعنى با المظاهر والمظهر، والموضة والعطور والسيارات الفارهة، غني جدا، المال عنده مثل الرز، عينه زائغة، لدرجة قلة الحياء والبجاحة في تتبع المتع و الملذات، لذا غلب على ظنه أنه يستطيع أن يمتلك كل شيء، وعلى الغير الاستجابة لما يراه هو ويقرره، كيف لا ؟ وهو المستطيع على كل ما يتمنى.
يحتقر الآخرين، ويرى نفسه فوق الجميع، فوضوي لا يحترم النظام، مازالت حياة البداوة بجملها وخيمتها البدائية تسيطر على تفكيره وسلوكه رغم تظاهره بالمدنية والتمدن، متعال متكبر، مبذر متغطرس، لا وزن للآخرين عنده و لا اعتبار، أناني وقس على ذلك من أوصاف التجني التي لا حصر لها، تم استخلاصها مما تواتر من سلوكات فئة قليلة شوهت الصورة العامة لمواطني الخليج والجزيرة العربية الذين يعد العامة منها براء من ذلك وإن بدت على فئة قليلة ليس لها تلك الدلالة الاحصائية المعتبرة في علم الإحصاء.
المؤسف أن هذه الصور القاتمة المؤلمة المزعجة، والانطباعات المتواترة الحادة، تشكلت عن شخصية شباب الخليج والجزيرة العربية بسبب سوء أفعال فئة قليلة منهم مستهترة غير مسؤولة، وبمحض إرادتهم، وبمنتهى الإصرار والبجاحة، على ممارسة الأخطاء والإصرار عليها دون أخذ في الاعتبار احترام الآخرين، ولا لما سوف يترتب على مواقفهم وما سوف يكونونه من انطباعات غير سارة عن المجتمع الذي ينتسبون إليه، وفي هذا ظلم وتجن على مجتمع تواتر عنه عبر تاريخه سمات وفضائل وقيم على النقيض تماما مما حصل ويحصل من هذه الفئة من أفعال وممارسات سيئة مرفوضة.
من الطبيعي أن تنعكس هذه السلوكات السيئة من هذه الفئة القليلة، على بني جلدتهم وهم الغالبية العظمى، الذين يحترمون الآخرين، ويلتزمون بالآداب العامة والقيم المجتمعية لأي مجتمع يتواجدون فيه، سواء للزيارة أو السياحة أو العمل، أو المشاركة في المؤتمرات والندوات العلمية، والذين يعدون الوجه المشرق الذي يعكس مستوى النضج القيمي والأخلاقي لشباب الخليج والجزيرة العربية، وهذه إحدى مساوئ التعميم غير المنضبط، والذي لا يستند إلى الحقائق ذات الدلالة العلمية المعبرة عند الباحثين وطلاب العلم.
إن تصحيح مثل هذه الانطباعات، وتعديل هذه الصور البشعة وتغييرها ليس بالأمر السهل الهين، على الرغم من أنها تبلورت في الذاكرة، و ترسخت في الوجدانات بصفة مستعجلة من مجرد ملاحظات عابرة من هنا وهناك.
وهنا مكمن الخطورة في السلوكات المتهورة التي تصدر من البعض دون أن يأخذ لها اعتبار، أو يتوقف عند ما الذي سوف يترتب عليها من إساءة لبني قومه ومن هو محسوب عليهم انتماء أو إقليما، والذي أجزم أنه لو توقف عندها وقفة قصيرة، وتأمل تبعاتها وما سوف يترتب عليها، لغير من حساباته وتصرفاته، وسلك السلوك الأرشد و الأقوم.
أيها الشاب المحترم، ومع التقدير التام لخصائص المرحلة التي تعيش تحت مطرقة هواجسها وخيالاتها، وأمنياتها وتمنياتها، وسماتها المتهورة الحادة، ويا أيها الراشد الذي ما زال يعاني من مرحلة المراهقة المتأخرة.
على الكل أن يستحضر أن الله يراه، وأنه يعلم ما يرتكبه بنو آدم من أعمال، فقد أوكل ذلك لملكين كريمين ملازمين للإنسان على مدار الساعة، هذا إذا لم يكن لبني جلدته وقومه قيمة عنده واعتبار، واعلموا أن اللذة المحرمة تزول مهما كانت، وتبقى حسراتها ملازمة لمرتكبها حتى الممات.