سعد بن عبدالقادر القويعي
مرحلة خطيرة عندما يجد الشخص نفسه مضطراً لتعاطي المخدرات؛ نتيجة حالة من التبعية الجسدية، والنفسية لمادة معينة، أو لسلوك ما، وإصابته بخلل خطير فسيولوجياً، لا يمكن تداركه إلا بالإقلاع عنه، فتسلبه إرادته الحرة. وهو الوصف الذي أطلقه المعهد الوطني حول تعاطي المخدرات في الولايات المتحدة الأمريكية على الإدمان، بأنه: «مرض انتكاسي مزمنٌ يصيب الدماغ، ويتسم في البحث القهري عن المخدرات، واستخدامها على الرغم من تأثيرها الضار»، فيجني المتعاطي على نفسه - في تقديري - إسقاط شخصيته، وتعريض وجوده للخطر، باعتباره خارجاً عن القانون، وتحوله إلى عالة على المجتمع، والقيم الأخلاقية.
وعندما نصف المدمن بأنه إنسان غير منتج، فلأن المخدرات تمثل عبئاً ثقيلاً على عقل الفرد، وجسده، وعلاقاته، وذلك بسبب الإدمان الكيميائي، والحاصل بسبب تعاطي عقار ما، حتى يصبح الاستمرار على تعاطيه لازماً - مع الأسف -، ويترتب على تعاطيه ظهور اضطرابات نفسية، أو جسدية، - إضافة - إلى تغير التوازن الداخلي للجسم، وتسبّب الاعتماد الجسدي للأغراض الانسحابية، وسينتج عن تلك الأعراض - بالتالي - ارتفاع معدلات الجريمة.
لسوء الحظ، فإن تعاطي المخدرات، والمؤثرات العقلية ينتج عنه 12 خطراً على سلوك الفرد المتعاطي، أبرزها: الإقدام على الانتحار، والتحرش بالأطفال، بسبب ما يحدث للمتعاطين من مشكلات؛ نتيجة تعاطيهم للمخدرات، - إضافة - إلى تغير حاد في حالتهم المزاجية، وذلك بحسب ما كشف عنه مسؤولون، وخبراء في علم النفس. وأشاروا إلى أن هذه الأخطار تتمثل في: الانتحار، وإيذاء الذات، والوقوع في جرائم السرقة، والميل للأخطار، والانفعال، والشك، والريبة، والتخيلات، والانطواء، والقلق، وتجنّب الآخرين، وإهمال العمل، والدرس، والنظافة، واللامبالاة، وإهمال العبادات، وبرّ الوالدين، وعناد الأسرة، وتعنيفها، وعقوق الوالدين، وضربهم، والوقوع في جرائم العدوان، والاضطهاد، واستغلال الآخرين، والكذب، والمراوغة، والتحرش بالأطفال، والوقوع في جرائم الاغتصاب، والاعتداء على الآخرين بالسب، والشتم، والضرب.
وعندما نتحدث عن ضرورة وضع مجموعة من الاحتياطات اللازم اتخاذها؛ من أجل منع انخراط أشخاص آخرين في عالم المخدرات، إما عن طريق مؤسسات المجتمع المدني، والسلطات المحلية، وإما عن طريق مراقبة المؤسسات التعليمية، فإنني لا أستطيع أن أغفل أضخم مشروع وطني أُطلق؛ من أجل الوقاية من آفة المخدرات، تحت مسمى «نبراس»، وهو ما أكد عليه أمين عام اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات، وخبير الأمم المتحدة - الأستاذ - عبدالإله بن محمد الشريف، بأنه: «مشروع موحد، ومتكامل، يضم العديد من البرامج الوقائية، والاستشارية، والعلاجية، والتأهيلية التي تم إعدادها، وتصميمها وفقاً لمعايير مدروسة، وبعناية من قبل مسؤولين، ومختصين، وخبراء من مختلف التخصصات، والقطاعات، تركز على جوانب عدة، من بينها: الجانب السلوكي للأفراد».
الجميل في مشروع كهذا، أنه تضمن ثمانية برامج وقائية، جميعها تهدف إلى توعية المجتمع بمخاطر المخدرات، والسبل العلمية لمنع تعاطيها، والتسلح بمبدأ القيم الأخلاقية، والاجتماعية، والعمل على تغيير أنماط السلوك المتجهة للتعاطي، واستبدالها بسلوك يتجنب ذلك، من بينها على سبيل المثال: برنامج الأسرة الذي يهدف إلى توعية، ووقاية الأسرة في المجتمع، - وخصوصاً - الأمهات، والزوجات من مخاطر المخدرات، وطرق الكشف المبكر عن آثار تعاطي المخدرات لدى الأبناء، والأزواج، وكيفية احتوائهم، وعلاجهم.
في دائرة الإدمان، فإن مضاعفة الجهود لمحاربة ظاهرة المخدرات، ووضع برامج خاصة بإمكانها تحسيس المواطن عن خطر هذه الظاهرة، وبذل غاية الوسع؛ لمنع انخراط الشباب في عالم المتعاطين للمخدرات، وإعادة إدماج المبتلين، وتحويلهم إلى مواطنين صالحين، تُعد جهوداً كبيرة، تسير - كلها - في اتجاه واحد، وهو إنقاذ الإنسان، والمجتمع من شرور المخدرات.