سعد بن عبدالقادر القويعي
في كلمته التي ألقاها عبر شاشة كبيرة، خلال احتفال أقامه حزب الله في ضاحية بيروت الجنوبية، بمناسبة يوم القدس العالمي، زعم - الأمين العام لحزب الله - حسن نصر ولي الفقيه، والوكيل الرسمي لإيران في لبنان، بأنه : « لا يمكن أن تكون مع فلسطين، إلا إذا كنت مع إيران «، معرباً عن رأيه في أن الطريق لتحرير القدس : « تمر بمناطق سورية عديدة، أبرزها : القلمون، والسويداء، والزبداني، والحسكة «، - ومضيفا - أن : « إيران هي الكيان الوحيد الذي يهدد وجود إسرائيل، في ظل علم إسرائيل بأن النظام العربي الرسمي باع فلسطين، والقدس، والشعب الفلسطيني «، مع أن المتابع لحال إيران - اليوم -، يعلم يقينا أن مشروع تصدير الثورة ارتكز أساسا على صراع الولاءات، والتحالفات، والأقليات، - وبالتالي - فإن العمل على توظيف الرأي العام الإسلامي حول المشروع الإيراني، كان يعتمد على فكرة معاداة إسرائيل، والولايات المتحدة الأمريكية ؛ لتغطي تلك الشعارات البراقة مصداقية لمشروعها الاستعماري في المنطقة، والعالم الإسلامي.
إن نوع العلاقة التي تربط إسرائيل بإيران، تكشفها صحيفة « هارتس « الإسرائيلية، حول حدود تلك العلاقة، وطبيعتها، - فقبل أيام - نشرت مقالا كتبه « عنار شيلو «، جاء فيه : « إن إيران محتاجة إلى إسرائيل بصورة يائسة، إذ لو لم توجد إسرائيل ؛ لاحتاجت إيران إلى إيجادها ؛ لأن إسرائيل هي ترياق النظام الإيراني، الذي يجب أن يُشترى، وهو باقٍ بفضلها - منذ سنين طويلة - «، وقال الكاتب: « إن الخطاب المعادي لإسرائيل، مكّن نظام الملالي القاسي في إيران من صرف انتباه الشعب عن مشكلاته الحقيقية، وعن أزمته الاقتصادية، وعن غلاء المعيشة الذي يرتفع إلى مستويات لا تحتمل، وعن القمع السياسي، وقتل المتظاهرين، وعن غياب الحرية «، وأضاف: « أن هذه التهديدات بشن هجوم قريب على المنشآت النووية الإيرانية، هي بمثابة الزيت الذي يسكب في دواليب نظام الملالي المتعثر، وهي طوق نجاة تطرحه القيادة الإسرائيلية لهذا النظام في آخر لحظة «، وقال : « إن بنيامين نتنياهو، وإيهود باراك، يخدمان مصلحة المرشد، - والرئيس الإيرانيين - علي خامنئي، ومحمود أحمدي نجاد، عندما يرتديان قناع المعتدي، وهو ما يساعد على ترسيخ تشبيه إسرائيل بالشيطان في إيران، ويكرس تعريفها بأنها ورم سرطاني في الشرق الأوسط «.
إن التحولات القائمة، والتغيرات المستجدة على المشهد - اليوم -، تنذر باتجاه إيران نحو التحالف مع إسرائيل، والتوسع الإقليمي على حساب أمن المنطقة العربية، والإسلامية، وهذا ما تؤكدها حقائق واقعية، تندرج في نسق العداء العقدي مع المكون السني للأمة، ولا مانع أن يأتي هذا التحالف - بحسب ما أكدته موسوعة الرشيد للدراسات - مع الولايات المتحدة، وإسرائيل، والذي أخذ أبعاده السياسية، والدينية، والاقتصادية، والعسكرية المشتركة، فمن حيث السياسة: يلتقي الطرفان في إسقاط بعض الأنظمة السنية، أو إضعافها، وتغيير خارطة المنطقة. ودينيا: تريد الولايات المتحدة القضاء على الإرهاب السني، ولا مانع لديها من مساندة المذهب الشيعي، الثائر كذبا إلا على الحكومات السنية، والعربية. واقتصاديا: يرغب كل من الطرفين، الوصول إلى ثروات العراق، والخليج. وعسكريا: إضعاف الدول الإسلامية، والعربية - عموما - ؛ لصالح أمن إسرائيل، وتأمين مصالح الغرب. ومن نتائج هذا التحالف، ما شاهدناه في أفغانستان، والعراق، ولبنان، واليمن، والدور قادم على دول أخرى في المنطقة.
لن تستطيع تصريحات الساسة الإيرانيين، ولا وكلاء عمائم الملالي في المنطقة، أن تغيّب وعينا عن قراءة حقائق التاريخ، فإيران لم تخلع يوما ما تلبسها بالمذهب الإثني عشري، وإضفاء الطابع الديني على توجهاتها السياسية ؛ إمعانا في تضليل الرأي العام. ثم إن دولة إيران كانت من أوائل الدول، التي اعترفت بالكيان اليهودي سنة 1948م، بقيادة قادتهم من ملوك إيران. وعندما يكرر على مسامعنا « ممثل ولي الفقيه « دجله المتعمد، فإن الواقع شاهد على أن هذه التهديدات نحو إسرائيل، ليست سوى غطاء يحجب العلاقة الإستراتيجية بين الطرفين ؛ حتى وإن تخللتها لحظات فتور، أو خلافات عابرة، سرعان ما تلتئم ضد العدو الأول في المنطقة.