سعد بن عبدالقادر القويعي
في هذا التوقيت الصعب، الذي تمر به الأمة الإسلامية حيث الأزمات، والعواصف، ورياح الإرهاب الظلامي المتطرف تتمدد، والأفكار الدخيلة على مجتمعاتنا الإسلامية المتشددة تنتشر باسم الدين الإسلامي، والتي لا تمت للإسلام بأي صلة، بل هو منها براء، يأتي العمل الإجرامي الدنيء،
الذي استهدف مسجدًا بمقر قوات الطوارىء في منطقة عسير، ونتج عنه عدد من الوفيات، والمصابين استخفافاً بحرمات الله، وبيوته، وإلحاداً فيها.
لقد اجتمعت كلمة أهل العلم، والرأي على إنكار الحادث الإرهابي في باعثه، وتنفيذه، وغايته، وأثره، بل إن توافقاً كبيراً في ساحة الرأي العام، حول ضرورة الحرب ضد كل من ينتظم إلى تنظيم إرهابي؛ لأنه أصبح جزءاً من مجموعة إجرامية، دون أن تكون له مبادرة فردية، أو فكر مستقل، وإنما تحرُّكه يأتي ضمن إطار مرسوم، لا يحيد عنه نحو ممارسة العنف؛ اتباعاً لنهج التوحد في المشاعر، والأفكار.. وهو ما عبّر عنه - العالم الأمريكي - ديفيد هوارد، في دراسته بعنوان «المختطفون»، وقد وجد أن مثل هؤلاء مرضى، أو مهتزون نفسياً، حتى وإن لم يظهر ذلك عليهم بالضرورة.. وهم مختطفون - ذهنياً - من مجموعة قيادية، قد تكون أدنى منهم تعليماً، وفهماً؛ لكنها استطاعت أن تبث في عقولهم أفكاراً غلفتها بتفسيرات دينية، مستغلة توجهاتهم الدينية، فتسلطت على عقولهم، واستطاعت من خلال الانغلاق التنظيمي المحكم للجماعة، التحكم في سلوكياتهم.
يحق لنا القول: إن الحقبة الأخيرة لظروف المنطقة العربية، والتي مرت بها كانت مسرحاً؛ لتشكيل ظاهرة الإرهاب، ونموها بشكل ملفت، وخطير؛ من أجل الحصول على مكاسب - أياً كان نوعها -، وهدفها، حيث لعبت الظروف دوراً محركاً لبعض الفئات، والشرائح الهشة في المجتمعات.. فما بالك حين يرتبط ما سبق باستهداف المدنيين الأبرياء؛ حتى ولو استند إلى بيئة دينية أيديولوجية متطرفة، أو إلى أصول سيادية ذات علاقة بالجريمة، باعتبارهم يملؤون فراغهم الفكري، والكياني بالقراءات السخيفة، والمعتقدات الوهمية، والظواهر الخارقة للطبيعة.. - وعليه - فلا مناص من اعتبار الإرهاب ضد الآخر حالة شاذة عن كل القيم الإنسانية، بما فيها قيم الدين - ذاتها -.
إن شخصية المنتحر الذي يفخخ نفسه؛ من أجل قضية ما، أو جماعة، أو معتقد فكرى - أياً كان -، يُعد من أخطر أشكال التهديد لأمن المجتمع، واستقراره؛ لأنها تتم بلا مقدمات، وتأتي من أشخاص يصعب التنبؤ بتصرفاتهم، كما أنها تتم دون أي استناد إلى المنطق، والعقل.. وسيتأكد نجاح الأجهزة الأمنية في اختراق صفوف مثل هذه التنظيمات الإرهابية، والجماعات التكفيرية، وامتلاك زمام المبادرة، وتوجيه ضربات استباقية؛ من أجل إفشال المخططات الإجرامية.