د. فهد صالح عبدالله السلطان
غني عن القول الإشارة إلى أن مخرجات أي كيان سواء مؤسسات أو شركات فردية أو مساهمة، دولية أو محلية تعتمد على محورين أساسيين: حجم الموارد وطبيعتها من جانب وحسن إدارتها من جانب آخر. وهكذا الحال بالنسبة للدول والأمم. فتحقيق ما تطمح إليه المجتمعات من تقدم ورفاه يعتمد في الدرجة الأولى على هذين العاملين مع اختلاف أثر كل منهما.. حيث إن أثر الإدارة أكثر قدرة على إحداث تغييرات نوعية وتحقيق الإهداف المرسومة من أثر الإمكانات المتاحة. ولعل النقلة النوعية التي تحققت لبعض الدول مثل سينغابور وكوريا الجنوبية وماليزيا وغيرها رغم محدودية مواردها وما تحقق لبعض الشركات العالمية كأبل ومايكروسوفت ووسامسونق وقوقل وغيرها يؤكد هذا المفهوم. فالموارد الطبيعية للدول المشار إليها ضئيلة إن لم تكن معدومة إلا أن الإدارة الحديثة ساعدتها على إحداث نقلة نوعية وتطور مذهل في وقت قصير جدا. وهكذ الحال بالنسبة للشركات.
المملكة ولله الحمد تنعم في اقتصاد قوي ومقدرات عظيمة جعلتها في مصاف الدول الأكبر اقتصاداً في العالم.. المؤشرات أدناه تعزز هذا الرأي:
- تحتل المملكة المرتبة الأولى عالمياً في احتياطي البترول وإنتاجه وتصديره.
- تحتل المرتبة الرابعة عالمياً في احتياطي االغاز.
- أكبر منتج للبتروكياويات في العالم العربي.
- تم تصنيف المملكة كواحدة من أكبر 20 اقتصاداً في العالم.
- تعتبر المملكة أحد أكبر الاقتصادات في الشرق الأوسط.
- احتلت المملكة المركز 9 عالمياً من حيث الاستقرار الاقتصادي.
- احتلت المملكة المرتبة 10 بين أكبر المصدرين للسلع في العالم.
- احتلت المملكة المرتبة 21 بين أكبر المستوردين للسلع في العالم (باستثناء التجارة البينية لدول الاتحاد الأوروبي).
- احتلت المملكة المرتبة 20 بين أكبر المستوردين للخدمات في العالم.
- الاقتصاد السعودي اقتصاد مفتوح جداً على التجارة الدولية، حيث بلغت الصادرات في العام 2014م: 377.8 بليون دولار.
- بلغ حجم الواردات 163.3 بليون دولار أمريكي عام 2014 م. وعلى عكس الصادرات فإن الواردات تشمل كل أنواع السلع والخدمات الاستهلاكية والرأسمالية.
- احتلت المملكة المرتبة 7 في مؤشر تنمية تجارة التجزئة العالمية.
- الميزان التجاري يميل لصالح الاقتصاد الوطني.
- المملكة مساهم رئيس في تنمية اقتصادات دول العالم الثالث.
- المملكة عضو في منظمة التجارة العالمية والعديد من المنظمات الدولية والإقليمية والعربية.
- تحتل المملكة موقعاً جغرافياً متميزاً يجعل منها بوابة اقتصادية بين الشرق والغرب.
- تقدر مساحة المملكة بأكثر من مليوني كيلومتر مربع وتشرف على ثلاثة منافذ بحرية.
- بلغ الناتج المحلى الإجمالي للمملكة خلال عام 2014م 2.8 تريليون ريال.. وهو ما يزيد عن مجموع الناتج المحلي لثماني دول عربية مجتمعة.
وفضلاً عن ذلك فإن المملكة تتميز باستقرار سياسي طويل وقيادة راشدة.. إذا بقي العنصر الثاني والأهم أعني وجود إدارة تنفيذية مهنية حديثة ومعاصرة تمكننا من توظيف تلك الإمكانات والموارد التوظيف الأمثل وتستطيع الاستجابة لمستجدات العصر وتحدياته. لا شك أن العالم بأسرة ودول المنطقة بوجه خاص يواجه تحديات غير مسبوقة. تحديات اقتصادية وجيوسياسية وأمنية وفكرية. وفضلاً عن ذلك فإن لدينا تحدياتنا الخاصة بنا كضرورة تنويع القاعدة الاقتصادية وخلق فرص عمل تتناسب مع الطلب وتطوير بعض القطاعات الخدمية كالصحة والإسكان وغيرها. وستكون تكلفتها الاقتصادية باهظة الثمن مالم نحسن التعامل معها.
والمطلب الملح الآن هو أن تتوفر لدينا إدارة تنفيذية قادرة على مواجهة تحديات العصر، بل وتحويلها إلى فرص. في كتابه الذي صدر حديثا وكان واحداً من أكثر الكتب مبيعاً في العالم يقول قولدسمان أن الذي أوصلك إلى هنا لن يوصلك بالضرورة إلى هناك. وبمعنى آخر أن الآلية الإدارية التي تعايشت معك في السابق وواجهت بها تحديات الماضي قد لا تمكنك من التعايش مع تحديات الحاضر. نعم لدينا موارد طبيعية كبيرة ولكنها موارد ناضبة وغير متجددة ومحدودة.
حان الوقت لنعيد النظر في الآلية الإدارية التنفيذية أملاً في ترشيد الانفاق والحد من الهدر في ثرواتنا الطبيعية المحدودة وفي عوائد النفط، وتحقيقاً لجودة المشاريع والخدمات وخلق فرص عمل جديدة. في الخميس القادم إن شاء الله سنناقش جوهر القضية والحلول العملية المقترحة.