عروبة المنيف
حرارة هذا الصيف كانت ملتهبة جداً، ليس فقط الحرارة المادية بل حرارة قضاياه الساخنة جداً التي ظهرت كالفقاعات فانفجرت وتسببت في سجالات ونقاشات عديدة، منها على سبيل المثال قضية التحرش التي وصل صدى انفجارها إلى وسائل أعلام غربية متعددة، واعتلت الأصوات في الداخل مطالبة بقانون يحمي المتحرش بهم.
فقاعة صيفية أخرى لا تخف وطأة عن سابقتها انفجرت هذا الصيف وزاد من قوة انفجارها لهيب الصيف وحرارته فزلزلت وجلجلت! ألا وهي ممارسات السعوديين وإخواننا الخليجيين غير الحضارية في بلاد الغرب التي يزورونها للترفيه والسياحة أو العلاج.
تلك الممارسات التي تمثلت في المأكل والمشرب والملبس والمسلك وتمحورت في عدم احترام المرافق العامة والملكيات سواء العامة أوالخاصة وعدم الحفاظ على البيئة واحترام الحيوان!!.
لقد اشتكى التشيكيون والألمان والنمساويون من تلك التصرفات وانتشر الخبر بسرعة البرق في جميع وسائل الإعلام سواء العربية أو الغربية ما يزيد من نكباتنا، أفلا تكفينا السمعة السيئة التى ألبسونا إياها واتهامنا بأننا نصنع الإرهاب ونصدره لنجهز على تلك السمعة ونزيد الكيل في فقدان حس التعامل الحضاري مع الآخرين خارج أوطاننا!!.
في تقويم سلوكيات الأبناء يتعامل الوالدان بمنطق الحزم والشدة وإنزال العقوبات بالأبناء من أجل تهذيبهم والارتقاء بسلوكياتهم، ولكن من لم تنجح أسرته في تربيته التربية الصحيحة، هناك دولة تعد «المربي الأكبر» تسن القوانين وتفرض احترامها وتضع العقوبات للمخالفين، فمن فشلت أسرته في تقويم سلوكياته، هناك دولة تقوم بالواجب وبمنطق القانون!.
على سبيل المثال قانون السير «ساهر» على الرغم من إننا لازلنا نتصدر دول العالم في حوادث السير، والكثيرون متذمرون من الغلو في رسومه ولكن لا ننكر بأن «ساهر» ساهم في خفض حوادث المرور والوفيات بشكل ملحوظ.
عندما نتجول في حدائقنا على سبيل المثال كمرفق عام وهذا «غيض من فيض»، نلحظ ظاهرة الاستهتار واللامسؤولية تجاه الممتلكات العامة، ويظهر ذلك جلياً في عطلة نهاية الأسبوع، فترى «العجب العجاب»، المهملات والقاذورات تملأ الحدائق ومتناثرة في كل مكان، وأماكن لا يسمح فيها بالطبخ أو الشوي تنتهك بدون أي شعور بالذنب أو المسؤولية سواء من المواطن أو المقيم، «فمن أمن العقاب أساء الأدب».
إن هذا الاستهتاروتلك الممارسات غير الحضارية واللاأخلاقية من بعضهم للأسف يمارسونها أينما حلوا، ليفاجئوا بالاستنكار والاستهجان من الدول الغربية وتفرض عليهم الغرامات ولربما السجن!.
لقد أصدر برلمان ولاية سالزبرغ هذا الصيف وبعد تجاوزات عديدة قام بها سعوديون وخليجيون بياناً يلزم فيه الحكومة المركزية في فيينا بتخفيض منح تأشيرات لدخول السياح من السعودية والكويت بنسب ثابتة سنوياً! وذلك بعد شكاو وعرائض قدمها سكان الإقليم عن ممارسات السياح الخليجيين وعدم مواءمة تصرفاتهم وأزيائهم مع الذوق العام!.
كذلك دولة التشيك وباعترف السفير السعودي هناك الذي صرح بأن ما شهدته مدينة تبليتسه «منتجع صحي» أخيراً من مظاهرات ضد الوجود العربي والإسلامي وإطلاق أهالي المنطقة كلابهم في الحدائق العامة لإخراج الخليجيين والعرب منها كان بسبب الصورة الذهنية التي تسبب فيها العرب والخليجيون إثر ارتكابهم عدداً كبيراً من المخالفات البيئية في تلك الحدائق.
إن الدول قادرة على تقويم سلوكيات المواطنين عبر فرض القوانين وإلزام الجميع باحترامها وبالقوة ووضع الضوابط الخاصة بتنظيمها وذلك عن طريق فرض الرسوم والغرامات والسجن ضد من يعبث بالمال العام والمرافق العامة، من أجل خلق مواطن حضاري يحافظ على مرافق وممتلكات وطنه، كما يحافظ على مرافق وممتلكات غيره، فالسلوك القويم يصبح عادة لا يستطيع التخلي عنها أينما حل ليمثل بلاده بشكل مشرف!.
لقد أصبح العالم قرية كونية صغيرة لدرجة أن ما يُرتكب من حماقات وتصرفات غيرحضارية ولا أخلاقية يصل للعالم كله بلمح البصر وبين الأيادي!!.