عبد الله باخشوين
.. كلنا يعرف أنّ سويسرا دولة محايدة وغنية وحسنة السمعة دولياً، الأمر الذي يجعلها أهم وأكبر الدول العالمية المؤتمنة على أموال معظم أثرياء العالم من رؤساء الدول إلى رجال المال والأعمال والمهربين وتجار المخدرات.. وربما تكون إحدى الدول العشرين التي يقال إنّ اللص على عبد الله صالح وزع على مصارفها الستين مليار دولار التي نهبها خلال فترة حكمه الطويلة لليمن الجريح.. وفى الاستئمانات والإيداعات المالية تتقدم دول مثل النمسا والفاتيكان.
وقد اشتهرت البنوك السويسرية بسرية تعاملاتها التي لم تهتز سوى مرة واحدة عندما جاء من يخبر إسرائيل بأنّ هناك إيداعات في البنوك السويسرية تعود ليهود قتلوا خلال الحرب العالمية الثانية.. وأنّ تلك الأموال التي تصل لمبالغ خيالية مازالت في البنوك السويسرية وتستثمر دون أن تجد من يطالب بها.. واعترفت البنوك بهذه الحقيقة ودفعت لإسرائيل التعويضات المناسبة.
ورغم تميز سويسرا بمناخها الجميل وطبيعتها الساحرة التي جعلت أعداداً كبيرة من الأثرياء العرب يقصدونها، ويشترون فيها منازل شاعرية يقضون فيها إجازاتهم في مناخات تريحهم من عناء أعمالهم وتعيد لهم صفاءهم وحيويتهم..كما أن منهم من يختار مدارسها الداخلية لتعليم أبنائه وضمان تنشئتهم في ظروف دراسية وحضارية متقدمة.
رغم هذا.. فإننا جميعاً لا نكاد نعرف أن سويسرا - على حيادها - تُعد من الدول المتقدمة في صنع الأسلحة المتطورة والفعّالة والخفيفة في نفس الوقت.. أي أنها ليست متخصصة في صنع الأسلحة الميدانية الثقيلة كـ((الدبابات)) مثلاً.. لكن الأمر يبدأ من أسلحة وأدوات الصيد الليلي والنهاري وأسلحة الأفراد المحمولة والصواريخ سهلة النصب والتنقل والرشاشات وما إلى ذلك من معدات فردية.. كما أنها متخصصة في صنع المعدات العسكرية المكملة والمطورة التي تضاف لمعدات مصنوعة في أماكن أخرى.. لكنها تزيد من فاعليتها وتزودها بتكنولوجيا حيوية أكثر قدرة على المناورة.
وإذا قلنا إن الحروب الحالية التي تدار على أيدي عصابات كبيرة وصغيرة مثل داعش وغيرها من العصابات التي تستخدم الأحزمة الناسفة.. والألغام وتخوض حروب الشوارع.. وتستند في عملياتها على مهام التفخيخ للمنازل والمركبات والسيارات وأي شيء ثابت أو متحرك، يمكن أن يحدث خسائر بشرية فادحة مع ضمان خسائر محدودة لمستخدمه.
إذا قلنا إن هذه الحروب.. هي في الأصل حروب أموال.. ويديرها ويحركها ويمولها أناس أثرياء قادرون على الدفع والتمويل من وراء الستار، بضمان أن لا يبقى في ساحة التخريب والقتال أي دليل يشير إلى حقيقة أدوارهم.. وإذا قلنا إنّ أمثال هؤلاء يوجد جزء هام من ثروتهم في البنوك والمصارف السويسرية.. وأن سويسرا تصنع وتبيع السلاح وبضمان السرية أيضاً. نقول هذا ونسأل :
- هل سبق لأحد منكم أن قرأ أو سمع في نشرات الأخبار عن عقد سويسرا لصفقات بيع السلاح لهذا البلد أو ذاك.. أو أنها دولة مصنّعة نشطة لمختلف أنواع السلاح المستخدمة في حروب العصابات والحروب الصغيرة، وأن مصانعها قادرة على ((سك)) كل الأسلحة المنتجة بشعار واسم هذه الدولة أو تلك.. بما يعني أنها قادرة على إخفاء أي أثر لوجودها الفعلي على المنتج الفتاك الذي تبيعه وتصدره للزبون وفق خط السير المرسوم له، بعد أن يتم شحنه على سفن لا يعرف حقيقة هويتها إلا الله.
إذا قلنا بهذا فإن ((الزبون)) ليس في حاجة لأي حركة تدفع جهات الرقابة الدولية لتتبع المال المدفوع كثمن للصفقة التي يمولها. لأنّ كل ما عليه هو أن يستخدم إحدى تلك ((السفرات)) الخاصة التي تجعل المصرف يحول من حسابه أي مبلغ يريد لحساب عميل آخر في أقل من دقيقة واحدة، دون أن يعرف اسم المحول أو المحول له.. لأنّ الأمر لا يزيد عن التعامل بين شفرتين بضمان السرية.. وضمان بصمة الصوت واستخدام الكلمات المبرمجة سلفاً لإتمام التمويل.. أو استخدام مجموعة خاصة من الأرقام التي تتم بها أمر التمويل.
إنّ مشكلة المال العربي الذي يمول الإرهاب ويزود عصاباته بالأسلحة والمعدات.. تعتبر من المشاكل الخطرة التي تحول دون إمكانية القضاء على هذه العصابات وهذا لا يترك أمام من يحارب الإرهاب سوى وسيلة أساسية.. هي وأد الإرهاب في منابعه.. والقضاء عليه قبل أن يتحرك.. وهى السياسة الناجحة التي يتبعها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف ورجاله في تعاملهم مع الإرهاب بعمليات استباقية تؤكد بطريقة علمية أنّ ((العقل)) المضاد والمحارب والمقاوم للإرهاب، يتحرك ويعمل بسرعة تفوق سرعة حركة ((العقل)) الذي يخطط للإرهاب.. وتفوق سرعة تفكير من يقف وراءه.
لأنّ خارطة حركة ((العقل)) الإرهابى استطاع الأمير محمد بن نايف أن يقرأ مفاصلها بطريقة علمية استباقية، مبنية على ركام من التجارب والخبرات القادرة على إحباط كل المؤامرات التي تحاك ضد أمن الوطن.