عبد الله باخشوين
ما هي المشكلة الحقيقية بين العرب وإيران؟!.. هل هي مشكلة طائفية بالاعتبارات الشيعية الاثني عشرية التي تقول بولاية الفقيه، وتجعل إيران نصب عينها أن تكون المرجعية العليا لعموم الشيعة.. بما في ذلك الطوائف التي يصل خلافها المذهبي معها إلى حد يجعلها أقرب للسنة منها للشيعة كالطائفة العلوية مثلاً..؟.
إذا كان الأمر هكذا.. لأن الشيعة يعتبرون إيران هي المرجعية الروحية العليا التي تتعدى كل المرجعيات الدينية في بلدانهم.. وأن مرجعياتهم الدينية غير قادرة.. أو غير مخولة بإدارة شئون أبناء طائفتهم في أمور الدنيا والدين إلا بعد العودة لمرجعيتهم الروحية الإيرانية.. فإن هذا يأخذ منحى مختلفاً يجعل من البعد الديني المذهبي أو الإيماني هو الأساس في العلاقة بين إيران وشيعة العرب، بعيداً عن التحريض السياسي والدعوات للتمرد والثورة.. وتبني مهمة تغذية هذا التحريض بالمال والسلاح.. وكل ما من شأنه زعزعة استقرار هذا البلد أو ذاك.. بحجج هي في عمقها مطالب سياسية قد تتناقض مع الإستراتيجية السياسية التي تنتهجها الدولة التي يوجد بها أقلية شيعية.
إذا كان الأمر الديني.. فمن السهل جداً فتح قنوات حوار سواء مع الشيعة المحليين أو حتى مع مرجعيتهم الروحية في إيران.. وهو حوار غير سياسي بالضرورة.. ويتم بين الجهات الدينية للبحث في طبيعة الإشكالات القائمة.. والسعي لتحقيق ما يمكن أن يتحقق من مطالب مشروعة لا تشق وحدة صف الوطن الذي بين أبناء أقلية شيعية.. وينجز للطائفة ما يسهل حقها في العبادة دون إثارة النعرات والفتن.. ودون استفزاز من قبل أيٍّ من الطائفتين المسلمتين اللتين توجد بينهما من القواسم الإيمانية نقاط هامة توحدهما.. أكثر ألف مرة من تلك التي يقوم عليها الخلاف.. وليس أقلها الإيمان بالله عز وجل وبرسوله العظيم عليه الصلاة والسلام، وبكتابه المبين الذي هو نبض قلوب المسلمين في كل مكان.
بالعودة للسؤال الذي بدأنا به.. نتساءل من جديد: هل المشكلة قومية.. تريد أن تتجاوز كتاب الله.. ولغة القرآن الكريم وكل جهود أبناء فارس الأوائل الذين كانت لهم إضاءات هامة منذ الصحابي الجليل سلمان الفارسي؟.. فنحن لا نستطيع تجاهل الأدوار الأولى التي كانت إسهاماً كبيراً في تطوير العلوم العربية ومنها اللغة والشعر والفلسفة والأدب.. إذا كانت المشكلة ذات بعد قومي.. فهذا يحيلنا فوراً إلى شاه إيران السابق الذي تزعم الثورة الإسلامية الإيرانية أنها قامت لإعادة الاعتبار للإسلام والمسلمين.. والقضاء على انحرافاته وولائه المطلق للغرب.
فمنذ قيام الثورة الإسلامية الإيرانية وجدنا أن الصف المعادي لها.. كان سياسياً وليس دينياً.. أي أن عموم السنة في مختلف أنحاء العالم لم يكونوا هم الفريق المعادي للثورة.. لأن أعداء الثورة كانوا من أصحاب الأيدولوجيات والفكر السياسي، سواء بالمفهوم السياسي الديمقراطي الغربي، أو بالمفهوم السياسي الأيدلوجي الذي تمثل في موقف التيار الشيوعي الماركسي، والتيار القومي الأيدلوجي.
غير أن الثورة الإسلامية الإيرانية تجاهلت هذه الحقيقة لأسبابها القومية وليس الدينية.. فبدلاً من أن تفتح مع القوى المسلمة السنية حوارات إيجابية وتسعى لإيجاد قنوات تحالف وتعاون معها لمواجهة الأيدلوجيا المضادة للثورة والإسلام بشكل عام، بدلاً من أن تدرك وتحدد الطبيعة السياسية لأعدائها.. انكمشت على نفسها؛ وبحساسية مفرطة أرادت أن تجعل من السنة أعداء لها -بحكم الخلاف التاريخي بين الطائفتين- وتبنت سياسة الشاه ذات الطموح التوسعي.. وفيما كان الشاه يرفع شعارات التوسع بدعوى حقوق (جغرافية).. سعت الثورة الإسلامية الإيرانية لإلباس هذه الطموحات التوسعية التي تهدف للاستيلاء على الثروات والهيمنة على مقدرات القرار والحياة.. بدعوى مذهبية تسعى لتبني كل الطوائف الشيعية أو الطوائف -غير السنية- متجاهلة خلافاتها المذهبية التاريخية معها.. وذلك بهدف حشدها ضد الأكثرية السنية.. دون تروٍ أو حتى استقصاء لحقائق التاريخ التي لا يمكن أن تنقضها طائفة أو اتجاه مذهبي.. فلا العودة للماضي ولا بالنظر للمستقبل.. لا يمكن للطائفة الشيعية إلا أن تعيش متآخية مع طائفة الأكثرية على شعار ما يقول به كتاب الله سبحانه وتعالى وعلى سنة رسوله النبي الأعظم الكريم -عليه الصلاة والسلام-.
ولن يتحقق للطائفة الشيعية أكثر من العدالة التي يمكن أن يطلبها لنفسه أيّ إنسان من حكومة بلاده.. وإذا كان الشاه ابن الطائفة ذات الأقلية في إيران (البهائية) قد حكم إيران منذ عام 1941م حتى عام 1979م تاريخ قيام الثورة فإن الطوائف الشيعية خارج إيران غير مؤهلة للحكم في بلدانها.. لأنها في معظم أماكن تواجدها.. لا يكاد يصل عددها إلى نسبة واحد في الألف من عدد السكان.. وليس أمام إيران أيّ حلول سوى البدء في إيجاد سبل حوار إيجابي مع حكومات الدول التي يوجد بها مواطنون من الشيعة.. على أن يكون حواراً خلاقاً قادراً على إعادة بناء الثقة بين إيران ككيان حضاري إسلامي وبين جيرانها من المسلمين الذين اختارت أن تناصبهم العداء.. بعد أن ألقت أطماعها بستار كثيف اسمه الطائفة الشيعية.
ترى ما هي حقوق الطائفة الشيعية التي لا يمكن أن تتحقق إلا بسلاح نووي وصواريخ بعيدة المدى؟.
هذا مجرد سؤال لا أكثر..!!.