د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي
(1)
** لسببٍ طارئٍ متصلٍ بظرف الزميلة خلود العيدان إثر وفاة والدتها - رحمها الله - تولى صاحبكم بالنيابة عنها إدارةَ موقع «الثقافية» على «تويتر» وإنزالَ مواد ملحق السبت الفائت؛ فغفر الله لأم عبدالرحمن وجبر مصاب بنيها.
** جاء هذا الدخولُ أو التداخل تاليًا مغادرتَه «تويتر» بعامين وانقطاعَه عن المشاركة والمتابعة عدا ما يصله من انتقاءاتٍ أصدقائه؛ وهو ما جعله يفترض تغيرًا فيه يوازي مسافة الزمن ومساحة الوعي المتبدلتين، لكنه - وقد سعى لتكثيف قراءاته داخله - لم ير صورةً مختلفةً توازي التحولات السياسية والاجتماعية والثقافية التي نحياها؛ فما زالت الأدلجات تحكُم والأمزجة تتحكم، والعشوائيات تحلم بناطحاتٍ فوق السحاب، والذات تبحث عن حضورٍ هامس وسط أمواج الصخب.
** الكل يحكي والندرة تصغي، والوقت يضيع في البحث عن عناوين مثيرةٍ، والتجاذبات المتضادة تمنع تكوين رأي عام تجاه قضايا ملحة؛ فبدا - كما كان وربما سيظل - متنفسًا ومستراحًا لا أكثر؛ جمالُه التنوع وسلبياته التصدع وخلطته السحرية تواري النخب وتكافؤ المكان والمكانة وتحطيم «التابوهات»، وفي بعض هذا ما يجعله جديرًا بمقدار ما نكون مسؤولين، وعبثيًا حين تسكنه شخبطاتُ الفارغين وإفرازاتُ المأزومين.
** أما «هو» فقد كفاه يومٌ وبعضُ يوم أسعده خلالهما مضيئون وإضاءات، وربما يعود عبره لعملٍ مشابهٍ ونحوه؛ فـ»لكلٍ وجهةٌ هو موليها»؛ وليملأه من شاء بما شاء إذ ستحاسبُ كل نفسٍ بما كسبت وكلُّ يدٍ بما كتبت يوم لا هباءَ ولا أهواء.
(2)
** كان هناك مشروعٌ لكتاب شامل عن سيرة أستاذنا معالي الدكتور عبدالله اليوسف الشبل - شفاه الله - تبناه طلبتُه من أساتذة قسم التاريخ في جامعة الإمام لكنه تعثر، وكان لدينا (الدكتور عبدالله الربيعي وصاحبكم) مشروعٌ مماثلٌ عن أستاذنا عبدالرحمن البطحي - رحمه الله - ثم تعثر، ومنذ أكثر من ربع قرن وفكرةُ جمع أشعار الأستاذ عبدالله السناني- غفر الله له- متوقفةٌ في مكانها، والأمثلة تتكاثر، وتمتد معها الرغبة في أن نرى كتبًا سيريةً عن رموزنا الثقافية والمجتمعية بعد أن نتجاوزَ الاجتهادات الفردية إلى العمل المنظم «الخاص والرسمي»؛ نواته أسرةُ الرمز ومريدوه ومدينته ومنطقته ومراكزها الثقافية وأنديتها الأدبية وأقسامها الأكاديمية، وتجربة «مؤسسة الجزيرة الصحفية» - في إصداراتها الثقافية «غير الربحية» المعنيةِ بسير الكبار «في عشرة أجزاءٍ» - حتى الآن - لخمسين شخصيةً من أطراف وأطياف الوطن» وكذا ملفاتها المتخصصة بتكريم الأحياء - خطوةٌ نأمُل تواصلَها، ونتطلع من سواها إلى ما يُكملها، ولمن يستطيعُ أن يكتبَ سيرته ويوثق نتاجه بنفسه نداء كي لا ينتظرَ مواسمَ الدفن وبكائيات الرثاء.
** يتساقطُ الكبار فلا يبقى غيرُ شاهدٍ لا يُرى يحكي صامتًا عن علمٍ مر من هنا فلم يدرِ به الصغار.
(3)
** حمل معه أربعة كتبٍ كان قد بدأ قراءتها في الرياض؛ (خمسون عامًا مع القصيمي، مؤرخو نجد من أهلها، كون المليداء، التشيع العربي والتشيع الفارسي) مؤملاً أن يكمل ما يعنيه من فصولها إن لم يكملها كلَّها ظانًا أن في رمضان متسعًا، وحلم - بجانبها - أن يبدأ مشروع كتابه الجديد «سيرة كرسي إداري»، وتاه الأمل وآفاق الحالم فلم يقرأ ولم يكتب ولم يأسف، وأيقن أن التأجيل وسيطُ التعجيل والتراخي محرّضُ التعويض «إذا أعان الله»، وربما اقتنع بما لم يكن مقتنعًا به من قبل؛ فرمضان ليس كباقي الشهور إذ نعمل فيه حين نعتقد أننا لا نعمل، ونجد وقتًا في سواه دون أن نجد فيها وقتَه.
(4)
** لا يعرفه عن قرب، لكنه تألم حين رأى الإساءات إليه ممن كانوا يثنون عليه؛ وتعلم كيف يبدو الوسط الثقافي - الإعلامي مقبلاً ومدبرًا؛ فمن مدحوا قدحوا ومن أشادوا انتقدوا، وكذا التابعون يَسيرون بإشارة ويُسيَّرون بعبارة وينكفئون حين تختلفُ المعادلة والمعاملة، وما أقسى أن ينفضَّ السامرون ويلتئموا دون أن يختاروا توقيت الحضور والغياب.
** كتب إليه رسالةً بهذا المعنى، وإذ لا عنوان للشخص فقد عنون النص: «ضمائرُ منفصلة».
(5)
إن حلتِ العشرُ مرت قبلُ عشرونا
وأصبح العمر بالتفريط مسكونا
مذ كان غضًا وتعويضُ ال «مضى» أفقٌ
لم يبدُ بعدُ ... و تاه الحلمُ محزونا
ياربّ مَن لي إذا قصّرتُ غيرُ رجًا .. ؟!
فلا تردَّ محبًا .. قال : آمينا
( 6)
**.. «أحيانًا»: البعدُ أجدى من القرب، والسيرةُ صورة السريرة، والمؤجَّل أهمُّ من المعجلِ، والمصالح قد تطغى.