رقية الهويريني
حال قيام تنظيم داعش بغزو كوباني تأكد فيما لا يدع مجالاً للشك بوجود خيط تركي يحرّك ذلك التنظيم الإرهابي، حيث تسعى الحكومة التركية لدعم وتشجيع كل من يتحرك ضد الأكراد في العراق وسورية، بل وتسهيل مرور المنضمين إلى صفوفها عبر الحدود وإمداد «داعش» بالأسلحة، بعد ظهور تأكيدات بوجود اجتماعات عند الحدود بين جنود أتراك وهذا التنظيم، وبالتحديد في منطقة تل أبيض المعبر الرئيس بين تركيا والتنظيم الإرهابي في الرقة.
وليس سراً امتناع تركيا عن أي محاولة لوقف أنشطة داعش لأكثر من عامين!.. وترددها بالموافقة على بنود مؤتمر بروكسل للتحالف ضده، والمنعقد في 3 ديسمبر 2014م بغية إضعاف التنظيم والقضاء عليه، والذي ينص على وقف تدفق المقاتلين الإرهابيين الأجانب، وقطع الموارد المالية أو تمويل التنظيم، ومعالجة الاحتياجات فيما يخص الإغاثة الإنسانية والأزمات المرتبطة بالوضع.
ولا شك أن هناك أهدافاً سياسية لتحالف تركيا مع التنظيم الداعشي، واستخدامه في الهيمنة على سورية لإضعاف بشار الأسد والاستفادة من البترول السوري وشرائه بسعر رخيص من جهة، ومن ناحية أخرى منع تكرار تجربة الأكراد في العراق، لذا فالحزب الحاكم في تركيا يتمنى بقاء الصراع الدائر والحرب الأهلية والاستفادة منها قدر المستطاع.
الجديد في الأمر هو انقلاب تركيا ضد داعش وتحركها العسكري، والقيام بضرب التنظيم والأكراد في الوقت ذاته! ونقض اتفاق الهدنة بين أنقرة ومسلحي حزب العمال الكردستاني الذي كان سارياً منذ عام 2013م، بعد اتهام السلطات التركية المسلحين الكرد بمهاجمة القوات الأمنية هناك.. وقد يكون التحرك التركي ضدهما لإدراك الحكومة أن الرابح من الصراع القائم بين الدواعش والأكراد سيكون مصدر خطر عليها، ولا شك أن هذه الحرب ستدعم موقف أردوغان المعادي للأكراد، لذلك قرر القضاء على الطرفين، حيث تم مؤخراً اعتقال عشرين شخصاً في مناطق تركية من المشتبه بانتمائهم لتنظيم داعش.. ويبدو أنها بحربها على التنظيم تسعى لتحقيق مكاسب سياسية بعد خسارة حزب أردوغان للانتخابات الأخيرة، وتوجيه اتهامات عالمية إليه بالتغاضي عن نشاط داعش وانتهاكاته الإنسانية، لا سيما بعد مباركة أمريكا لها، وأن من حق تركيا الدفاع عن نفسها ضد الكرد.. وهذا التناغم حدث بعد موافقة تركيا على السماح للجيش الأمريكي بشن ضربات جوية ضد تنظيم داعش من قاعدة إنجرليك الجوية الأمريكية في تركيا.
يبدو أن الربيع التركي يلوح بالأفق، فهل ستشرب تركيا من نفس الكأس الذي شربته العرب؟!