رقية الهويريني
أمر الله تعالى الرجل بغض البصر وعدم إطلاقه في النظر للحرمات قبل أن يأمر المرأة بالحشمة والستر، وما حدث في جدة من تصرفات غير لائقة من شباب تجاه فتاتين على الكورنيش، وقبله تحرُّش آخرين في الظهران، وقبلهما في طريق النهضة في الرياض بدعوى تبرُّجهن لهو أمر مرفوض، لأن ربط التحرش بالتبرُّج يدل على قصور نظر لا يرتبط بالشرع ولا الإنسانية.. وعلى المجتمع القيام بدوره المطلوب تجاه هذه الظاهرة بردع المتحرش والأخذ على يده، وعدم الاكتفاء بالمشاهدة أو الإنكار، ونبذ تصرف كل شخص يمارس هذه الأعمال المشينة.. كما تستوجب وقفة من الجهات المعنية بالحزم معه وعقابه والتشهير به، لأنه مارسَ شكلاً من إرهاب المجتمع.. مع ضرورة مضاعفة العقوبة حال تكرار الجُّرم والاعتداء على حرمة الآخرين سواء أكان جسدياً أو لفظياً فضلاً عن إثارة الفوضى، والإخلال بالأنظمة والأمن المطلوب.. وينبغي إقرار قانون يمنع التحرش ويجرِّمه مع العقاب الرادع للمتحرش لأن مروره دون عقاب سيجعل تكراره وارداً، وسوف يتجرأ أمثال هؤلاء الشباب المستهتر على مضايقة البنات في كل مكان.
والعجيب أنه لولا توجيه الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة للشرطة بسرعة إلقاء القبض على المتهمين بالتحرش وتقديمهم للعدالة وتكثيف التواجد الأمني في الكورنيش والحدائق وأماكن التنزه بعد انتشار مقطع فيديو للحادثة، لبقي موضوع التحرش لا يعدو عن لقطة فيديو يتداولها الناس فحسب!!.. وما أكثر تلك المشاهد والمواقف المؤذية المسكوت عنها أو لم تلتقطها عين الكاميرا!.. والأصل هو تحقيق الأمن في بلادنا للمواطن والمقيم دون قيود أو تهديد لكرامته وشرفه وسمعته.
وأرجو ألا تكون العقوبة هي الجلد أو السجن للشباب بعد التحقيق وثبوت التهمة، لأنهم سيدخلونه بجنحة ثم يلتقون مع مجرمين ويختلطون بهم، ويزينون لهم الباطل فيخرجون ولديهم القابلية للإجرام أو الانتقام!.. ولو تم التشهير بهم بنفس المكان الذي حصل به التحرش، وتغريمهم مبلغاً مادياً كبيراً تتحمَّله أسرهم لأنها شريكة معهم لعدم متابعتها أبنائها وتخويفهم وتحذيرهم من مغبة الاستهتار بحقوق الناس وأعراضهم؛ لكان ذلك رادعاً لهم، ورسالة لكل من تسوِّل له نفسه القيام بهذا العمل المشين والتصرف الأرعن الذي يُعد مؤشراً خطيراً لانحدار الرجولة والشرف والغيرة.