رقية الهويريني
حين يبالغ الناس بوصف المكاتب ذات الأبهة والفخامة والسعة والتنعيم يقولون: مكتب فلان كبير وواسع، كأنه مكتب وزير! وبرغم أن منصب الوزير كافٍ لمنحه المكانة والتقدير، فلا يحتاج حينئذ مكتباً بتلك المواصفات! وحري به ألا يكون له مكتب خاص.
ولو قام كل وزير في وزارة خدمية كالعدل والعمل والصحة والتعليم والإسكان والتجارة والشؤون البلدية بزيارة يومية لدائرة حكومية تابعة لوزارته على مستوى المملكة لما كفته أيام السنة كلها لكي يتمكن من الاطلاع على مدى سير العمل، وكفاءة الموظفين والتزامهم وإنجازهم، ومقابلة الناس ومعرفة مطالبهم، لاسيما وأن بلادنا واسعة المساحة ومترامية الأطراف!
وبرغم قيام بعض الوزراء بفتح مكاتبهم ساعةً باليوم أو جزءاً من يوم في الأسبوع لمقابلة الناس والاستماع لمطالبهم؛ إلا أن كثيراً من المواطنين لا تتسنى له مقابلة صاحب المعالي لضيق الوقت وكثرة المعاملات والاجتماعات المرتبطة بطبيعة العمل الوزاري، ويكون بعضهم قد حضر من مناطق بعيدة وتجشم السفر ومتطلباته كتذاكر الطيران والسكن بفنادق لعدة أيام مع تكاليف المواصلات، وترك عمله وأسرته لأجل مقابلة الوزير في مكتبه والتي قد لا تتم بسبب البيروقراطية المقيتة.
وحبذا لو قام الوزراء بتفويض صلاحيتهم للنواب وتوزيع مهام أعمالهم على وكلاء الوزارة كل فيما يخصه، ومن ثم يتفرغون للجولات الرقابية والاستكشافية دون حشد أو مرافقين، عدا ما تتطلبه الزيارة من كشفٍ للقصور وتقصٍّ للحقائق ومتابعة واطمئنان وقضاء مصالح الناس بحيث يخفف عليهم وعثاء السفر وأحياناً سوء المنقلب!
ويصبح حينئذ ديوان الوزارة بلا مراجعين وإنما يختص بالموظفين الإداريين فقط الذين يتلقون ملاحظات الوزير الميدانية وتتم متابعتها بالحال، ويوقعون المشاريع وينهون الإجراءات الإدارية فحسب.
ولو تخلى كل وزير في وزارة خَدمية عن مكتبه وتفرغ للاطلاع المباشر والتقصي ومكافأة المحسن ومعاقبة المسيء في ذات اللحظة لتحول بالفعل لشمس شارقة تضيء سماء البلاد، ولم يتفاجأ بالقصور الذي يتبعه دوماً اللوم أو الإعفاء أو حتى لفت النظر للمسؤولين المقصرين! ولما نشط الناس لتصوير المواقف السلبية لبعض الوزراء والمتنفذين، برغم ضرورة توفير كاميرات تصوير رسمية في كل دائرة حكومية تحت إشراف نزاهة أو هيئة الرقابة والتحقيق. وسيدرك كل مسؤول أنه مراقب من القيادة وعليه أداء مسؤوليته وخدمة المواطنين بما يستحقونه من تقدير واحترام ودون توانٍ.