محمد المنيف
بكل مكابرة وتحدٍ لذاته وليس للآخرين، قال قولته التي أراد بها باطلاً لصديقه الذي وجّه له السؤال (السهم) عن أسباب سعيه لتقديم أعماله الفنية بأسلوب يستفز به محيطه الاجتماعي والسياسي والديني، فما كان منه إلا أن سعى لتمرير الإجابة بما يتوقع أنه ذكاء: (أنا أسعى لتقديم أعمال عكس التيار بكل تفاصيله) والتيار هنا هو القيم والتقاليد، وقبل هذا وذاك الأنظمة التي يعي أنها تنظم التعامل وتحترم الأفراد، مردفاً بالقول: إنها تحدث لدي شعوراً بالرضا (موقف المعارض لكل شيء).
جاءت تلك الكلمة أو النية التي يمتطيها لنيْل الشهرة كما أراد وأشار، وأثبت ببعض أعماله الفنية شكلاً ينتهي الاهتمام بها بنهاية عرضها، البعض داخل الوطن والآخر خارجه هروباً، وليس حضوراً مُشرِّفاً، واجهت اعتراضاً من قبل زملائه الفنانين والمثقفين العقلاء أبقوا له تمسكه بالقلة القليلة التي جعل منها تابعين مع أنهم لم يعودوا يتبعونه، كان قد أعد لهم متكأ في مكان أسماه بالمرسم أو المحترف، ليجعل منه منطلقاً لغرس بذرة شجرة نهجه، طلعها يسر الناظرين لكنه يحوي السموم، يدعون له جنسيات غربية كان لأحد أفراد إحداها دور في صناعة فكره..
هذه الفئة أو ما يُمكن أن تُوصف بالنوعية الخارجة عن السرب جرفها تيار الحداثة السلبية, وجدت فيه متنفساً ومجالاً لإخراج ما خفي من مواقف تجاه الآخرين، تصفق لهم أكف أعداء الوطن بكل مكوناته حينما يرون أن في أعمالهم الفنية ما يشير إلى حوم حول حمى الإساءة إليه، تناسوا وليس نسياناً أنهم يحملون رسالة هامة ومؤثرة لو أحسنوا استخدامها لحققوا الكثير من الشهرة المدعومة رسمياً وشعبياً، يمتلكون الموهبة لكنهم أخطأوا الطريق، ادخلوا دون علمهم نفقاً لا يرون له نهاية، فأصبحوا كالغراب الذي أراد تقليد مشية الحمامة، فلا تعلموا مشية الحمامة ولا هم عادوا لمشيتهم، فأصبحوا في دائرة التهكم وعدم الرضا، عقاب اتفق عليه كل من شاهد وتعرّف على خزعبلاتهم التي يدّعون أنها إبداع وفكر وعبقرية.. لم تدم فرحتهم بها جراء هجر الجمهور لهم.
من خرج عن داره (قيم ومبادئ.. هوية وطنه) قلَّ مقداره.