يوسف المحيميد
منذ أكثر من نصف قرن، وكثير من الاكتشافات الحديثة يتم استخدامها بطريقتين، إحداهما إيجابية، والأخرى سلبية، بمعنى أنها حتى لو كان القصد من ابتكارها تقديم خدمة إنسانية مهمة ونبيلة، فقد يستخدمها الإنسان ذاته، بشكل سيّء، قد يضر بنفسه، وقد يجلب الضرر للآخرين!
من بين التطبيقات المهمة بين الناس، احتل تطبيق الواتس آب مكانة كبيرة، واستطاع أن يكون داراً مجانية للضيافة، لمختلف الطبقات والشرائح والفئات، خاصة حينما يتم إنشاء مجموعات (قروبات) تجمع بين أصحاب مهنة مثلاً، أو أصحاب اهتمام، أو أقارب وعوائل مختلفة، مما يوجد صلة رحم من جهة، وعلاقات إنسانية طيبة من جهة أخرى، بالإضافة إلى معرفة أخبار الآخرين وشؤونهم، حتى لو لم يقم الآخرون بزيارة بعضهم بعضاً.
وفي الوقت ذاته، يسهم هذا التطبيق بنشر الشائعات أحياناً، وتتنقل بين المجموعات مثلما تتنقل النار في الهشيم، دون التثبت من صحة هذه المعلومة أو تلك، وهذا أمر معيب، قد يؤدي إلى الإضرار بأشخاص محددين، ويشيع الغيبة والنميمة بين الناس، وإثارة الشحناء والبغضاء بينهم!
ومن أغرب الجرائم الإلكترونية التي يقوم بها هذا التطبيق، هو التنسيق بين العمالة الأجنبية المخالفة، أصحاب المحال التجارية، وذلك بإنشاء مجموعات (قروبات) هدفها تبادل المعلومات عن مباشرة الفرق الميدانية في أمانة العاصمة المقدسة، لجولات التفتيش على محلاتهم، من أجل تجنب رصد المخالفات ضدهم، فبمجرد وقوف أفراد إحدى الفرق الميدانية عن أحد المحلات، يتم إرسال رسالة تحذير في (القروب) الذي يشكل أعضاؤه أصحاب المحلات الأخرى المجاورة، وذلك لتنبيههم، وقفل محلاتهم فوراً، ومراقبتها عن بعد، لحين وصول رسالة أخرى تفيد بذهاب هذه الفرق الميدانية التفتيشية!
وهذه بالطبع تعتبر إحدى الجرائم الإلكترونية، التي تعاقب عليها الأنظمة، والتي تضر بمصالح الدولة، بالإضافة إلى القضايا الشخصية كالشتم والقذف والابتزاز وغيرها مما تصل إلى أروقة المحاكم!
لقد بوغتنا بالتقنية، وبوسائل التواصل الاجتماعي، التي منحتنا الفرصة لنلتقي ببعض باستمرار وسهولة، والتي أيضاً ورطتنا بقضايا لم نعرف أن النظام يعاقب عليها، وكالعادة لا تصل الحملات التوعوية بخطورة هذه البرامج والتطبيقات، وحساسية استخدامها بطرق قد تتحول إلى جرائم إلكترونية!
فاصلة:
أحبتي القراء، ستتوقف زاويتي هذه خلال الشهر القادم، موعد إجازتي السنوية، ونلتقي على خير في سبتمبر القادم.. دمتم بخير.