يوسف المحيميد
كتبت مراراً في هذه الزاوية عن الماء، وعن أننا للأسف لا نمتلك إستراتيجية واضحة ومحددة في المخزون المائي، وأننا منذ نصف قرن لم نتجاوز توفير الماء بسيارات (الوايتات)، وبعدما أهدرنا مياهنا الجوفية بوهم أننا دولة مصدرة للقمح في الثمانينات، اكتشفنا تحلية مياه البحر، وبدأنا نستهلك جزءاً من ثروتنا النفطية في تحلية هذه المياه المالحة، دون أن نتخذ أي إجراءات للمستقبل، ودون أن نشرك المواطن معنا، ونحذره بأن أولادنا أو أحفادنا، سيموتون عطشاً في هذه الصحراء، طالما نحن نستهلك الماء بهذا الشكل غير المسؤول!
لم تنفع وسائل التوعية في ترشيد استخدام المياه التي تنشرها وتبثها وزارة المياه، وشركة المياه الوطنية، في حملاتها التوعوية، فما زالنا من أكثر شعوب العالم استهلاكاً للمياه، حتى بالمقارنة مع دول أوروبا وأمريكا، تلك الدول التي تزخر بمياه الأنهار والبحيرات، وذلك بسبب أن المواطن لدينا يعاني من سوء سلوك استخدام الماء في المباني السكنية، وكذلك المباني الحكومية والعامة، ومشروعات القطاع الخاص، وحتى سقاية الأشجار والحدائق في الشوارع والميادين!
ومن أغرب الأخبار، ما بثته وكالة رويترز قبل أيام، من أن متنزهات كاليفورنيا لن تسمح لرواد الشواطئ بالاغتسال للتخلص من آثار الرمال والملح العالقة بأجسامهم في إطار خطة للحفاظ على المياه، مع استمرار موجة الجفاف التي تعاني منها الولاية منذ نحو عام، ويضيف الخبر، أن أشهر ولاية أمريكية تشهد عاماً رابعاً من الجفاف الكارثي الذي كلّف قطاعها الزراعي مليارات الدولارات، ودفعها إلى إلزام السكان بخفض استخدام المياه لأول مرة في تاريخها!
وقبل هذه الولاية كانت دول أوروبية، بينها بريطانيا، عقدت المؤتمرات والندوات، وقامت بالدراسات الجادة، واتخذت قرارات مهمة، بشأن الجفاف الذي قد تعاني منه، رغم كميات الأمطار التي تهطل هناك، مقابل الجدب والجفاف الذي تعاني منه بلادنا، فإنه من باب أولى، أن نعمل بجدية في وضع وتنفيذ خطط استراتيجية للأمن المائي. وللترشيد في استهلاك الماء، ونتخذ إجراءات حازمة تجاه هدرها، وأهمية تقدير هذه النعمة بشكل يليق بها، إما بفرض عقوبات صارمة، أو إعادة النظر في أسعار هذه الخدمة، خاصة أنها في الدول وفيرة الماء تزيد عن أسعارها في بلادنا!
فهل تتخذ أمانات المدن الرئيسة، ومختلف الجهات الحكومية ذات العلاقة، وبالتنسيق مع وزارة المياه، وشركة المياه الوطنية، قرارات صارمة للمحافظة على المياه المحلاة، كما اتخذت ولاية كاليفورنيا إجراءً بإغلاق أماكن الاستحمام لتقليص استهلاك المياه؟