رقية الهويريني
حينما جعل الله عز وجل الزواج سكناً ومودة ورحمة فإنه وضع العلاقة ملبية للحاجة النفسية قبل الجسدية، حيث يساعد الزواج المستقر على الأمن النفسي، ويخفض من احتمال الإصابة بالاكتئاب والتوتر والقلق. فالمودة والرحمة من أجمل المشاعر التي أودعها الله في البشر، وهما في الوقت نفسه متعة في ذاتهما، ففي ظل الزواج يتحقق للإنسان الشعور بالرضا والسعادة والراحة النفسية والجسدية؛ حينما تجد المرأة السند والشريك، ويجد الرجل السكن والدعة والمشاركة. ثم تأتي المتع الأخرى وأرقاها إنجاب الأطفال وهو الهدف بإعمار الأرض واستمرار البشرية وممارسة الأمومة والأبوة في أسمى معانيها.
والحق أن تضييق الرابطة بين الرجل والمرأة وحصرها بعلاقة جسدية هو أمر في منتهى السوء، خصوصا بعد اختراع أنواع من الزيجات كالمسيار والمسفار مثلا الذي قيّد الزواج بالجسد والمتعة دون اعتبار للعلاقة السامية والعهد الوثيق والميثاق الغليظ بين الزوجين!
والمشاهد بعد ظهور تلك الأشكال من الزواج؛ التركيز بدعوة الشباب ونصحهم وترغيبهم في الدين على المكافأة الربانية يوم القيامة المنحصرة في الحور العين فقط، وليس رضا الله تعالى ونعيم الجنة، حتى صارت هي محور الحديث وهي الشغل الشاغل لهم!
والمتأمل يرى أن داعش استطاعت جذب الشباب الضائع والضال بالانضمام لها عن طريق الإغراء بالشهوات المادية والجسدية حيث المال الوفير والسبايا وما يرافقها من طريقة الاختيار القذرة والمنتنة، والانسلاخ من الحياء والإنسانية والانحدار نحو البهيمية؛ بما يعكس بيئة نجسة وتفكير دنيء! ويتم استمرار الإغراء بالحوريات بعد الموت مباشرة للتشجيع على التفجير والتفخيخ! وأذكر أنني رأيت مشهداً مصوراً لاقتحام مجمع المحيا عام 2003م يقول فيه الانتحاري المفجّر وهو يندفع نحو البوابة: « لا يفصلني عن الحورية سوى هذه البوابة» ! اعتقاداً منه أن الحورية بانتظاره تتلقفه وتجمع أشلاءه!!
ومما يزيد الأمر تعقيداً تبرير بعض الوعاظ جواز السبي وشرعية ما يفعله الدواعش! ليجد الشباب المسوغات للحديث عن السبايا والحوريات وتحويل العلاقة الزوجية من مودة ورحمة إلى علاقة جسدية عابرة تختزل فيها المرأة لوعاء فقط! ولو تخيل أحدهم أن تلك الأنثى السبية هي أمه أو أخته أو ابنته لتكدرت نفسه ولاستشاط غضباً !
والإسلام أسمى من ذلك وأرقى، مالهم كيف يحكمون ؟!