رقية الهويريني
لا يرغب كثير من الناس بشراء مساكن جاهزة، بسبب رداءة المواد المستخدمة في البناء وعدم مطابقتها للمواصفات والمقاييس، ناهيك عن تشقق الجدران وتغير لون الدهان وتسرب المياه، برغم إغراءات العقاري للزبون بالمظهر البراق وضمانات الوعد بتوفير فرق الصيانة المقدمة لساكني الشقق! ولكنه يفاجأ بعد الشراء بعكس ذلك ويتكبد الخسائر بتغيير الأدوات الصحية والكهربائية الرديئة، وهذا يهون أمام معضلة البنية التحتية المطمورة تحت الأرض، والهبوط المستمر لمستوى البناء!
والحق أن الزبون فقد الثقة بالمباني المشيدة والمعروضة للبيع، كما أنه يضيع حقه بسبب عدم وجود جهة مسؤولة ومتخصصة بالمتابعة وقت البيع، وهو ما ينبغي أن تنهض به وزارة الإسكان فتشرف على مواصفات ومقاييس المساكن المعروضة للبيع، ومدى جودة الأدوات الصحية والكهربائية، مع ضرورة وجود ضمان لها من العقاري البائع وليس من المصانع المنتجة أو الشركات المستوردة والمسؤولة عن بيعها. وإلزام البائع بالتأمين على البيت لمدة لا تقل عن عشر سنوات؛ فذلك كفيل بحرصه على متانة البناء وجودة المواد المستخدمة، وشمول ذلك بعقد البيع ضماناً لحق المشتري.
ولعل وقوع كثير من المواطنين ضحايا للغش والتدليس من لدن أغلب العقاريين، جعل الطلب ينخفض على شراء المساكن مع وجود الحاجة الملحة. في الوقت الذي تتزايد فيه رفع شكاوى إلى المحاكم من عدد من المواطنين ضد أشخاص وشركات عاملة في مجال التطوير العقاري تقوم بالتلاعب في تنفيذ المشاريع السكنية في المملكة. والوقاية دوماً خير من العلاج، وحماية المواطنين من الغش مطلب وطني، وتجنيبهم تدليس تجار الفلل والشقق المضروبة واجبٌ ديني!
وما يؤسف له أنّ أولئك الأشخاص وتلك الشركات تقوم بتسويق الشقق بأسعار أقل من سعر السوق لانخفاض كلفة بنائها، نظراً لاستخدام مواد رخيصة في البناء والتشطيب، مما ينتج عنه تهالك المبنى خلال سنوات عمره الأولى وشقاء الساكنين (المتملكين) بالصيانة!
وفيما يفترض أنّ شراء المنزل يمثل تجربة ممتعة للفرد، فهو أكبر استثمار بحياته ويشكل غالباً ضغطاً نفسياً كبيراً عليه؛ فلابد أن يتحرى الدقة في الاختيار ويستعين بطاقم متعدد الكفاءات كالمهندس المتخصص والكهربائي الحاذق والسباك الماهر، وتأتي أهمية تجربة المنتج قبل شرائه، كفحص الأبواب الخارجية والداخلية والنوافذ للتأكد من سلامتها ومدى أمانها، وكذلك التحقق من جودة تسليك المجاري حتى لا يتفاجأ بتجمع المياه، وبالتالي صعوبة التخلص منها وانبعاث روائح كريهة.
وتبقى الجدلية قائمة: (هل أشتري منزلاً جاهزاً أم أقوم ببنائه بنفسي؟!)