د. عبدالعزيز الجار الله
كانت الجامعات قد تعافت (تماما) من أكبر أزماتها: أزمة القبول والتسجيل.- أشرت لها في المقال السابق - لكن الخشية في الوضع الراهن أن تعود مشكلة القبول إلى حالها السابق وأكثر شدة، فالطلاب والطالبات بعد أن أعلنت نتائج القبول لهذا العام عادوا إلى التكدس أمام مكاتب مديري الجامعات و عمداء القبول لحاجتين أما للقبول في الجامعات - البحث عن مقعد - أو تعديل الرغبات والتحويل بين الأقسام والكليات للوصول إلى كليات التخصصات الاستراتيجية والمهنية والتخصصات التي يطلبها سوق العمل.
بدأت تعود ظاهرة التكدس في صالات مدير الجامعة والوكلاء للتسجيل اليدوي بعد أن فشلت محاولة التسجيل عبر البوابة الإلكترونية،وكأننا نعود إلى ما قبل (10) سنوات مضت حين كانت جامعاتنا حوالي (15) جامعة قبل أن تصبح (38) جامعة ،أيضا كانت أبواب الابتعاث والمنح الداخلية مغلقة، أما الآن (200)ألف من الطلاب المبتعثين بالخارج ومن منح الداخل ،كانت مباني الجامعات مستأجرة، كل ذلك كان بسبب الظروف السياسية والاقتصادية التي مرت بها بلادنا منذ عام 1979م حرب الخليج الأولى العراقية -الإيرانية وما تلاها من حروب غزو الكويت وتحريرها 90-91م،غزو العراق 2003م، ثم تدخلت القيادة لإصلاح الوضع وضخت الأموال في التعليم الجامعي ليتجاوز أزماته، لذا لا نريد للجامعات أن تدخل منزلق أزمة المقاعد وهي قد تعافت منها ببناء مدن جامعية قادرة على استيعاب الطلاب لعقود من السنوات لأن قدرتها الاستيعابية يتجاوز (50) ألف نسمة يصل متوسط استيعاب المدن بشكل عام (70) ألف نسمة مع جميع مرافقها واستثماراتها،ولدينا عدة نماذج مكتملة بنيت مؤخرا منها : جامعة الأميرة نورة بالرياض، جامعة حائل،جامعة جازان، جامعة الملك خالد بعسير، جامعة القصيم والجوف والمجمعة والعديد من الجامعات التي تحولت إلى مدن مستقلة بمرافقها وخدماتها.
التحديث والتطوير شمل معظم جوانب التعليم الجامعي إلا في موضوع إجراءات القبول والمقاعد، ولم نتعلم من أبنائنا الطلاب الذين يحصلون على (القبولات) في الجامعات العالمية وهم في هجر وأرياف وقرى جبلية في أقاصي حدودنا،يجرون عمليات القبول عبر النت ربما بجوالاتهم المحمولة، أو من خلال مكاتب القبول دون الحاجة إلى المجيء إلى مكاتب مديري الجامعات والاستجداء بمنظر يمس كرامة الطالب وولي أمره من كبار السن، والأمهات المتحسرات على مقاعد لبناتهن.
أشعر بالخجل والحزن عندما لا يوجد مقعد لطالبة بمدينة الرياض وجامعة الأميرة نورة تقتطع أكبر المساحات الجامعية في المدن الرئيسة بالمملكة, ضخت فيها المليارات بكل سخاء لإنشائها وبالمقابل تعجز عن استيعاب الطالبات.