د. عبدالعزيز الجار الله
كانت بلادنا تخوض أشرس حروبها مع الجماعات المتطرفة منذ تفجير العليا بالرياض عام 1996م، وكانت دول العالم تعتبره شأنا داخليا امتدادا طبيعيا لحادثة الحرم 1979م بمكة المكرمة - تعتبره - صراع الجماعات الدينية المتنافسة داخل السعودية ولم يؤخذ الأمر بأبعاده السياسية كونه من صراعات المستقبل، وأنه سيطال دولا عظمى مثل أمريكا التي فجرت القاعدة أبراجها الاقتصاد عام 2001م لتدخل أمريكا لأول مرة طرفا في حرب الإرهاب.
كان ينظر إلى تفجيرات العليا 1996م وأحداث الحرم ما يسمونه صراع الجماعات الدينية الداخلية : الوهابية، السلفية، الجامية، الاخوان وغيرهم. ويؤيد هذا التوجه - الصراع الداخلي - ما تشهده حينها المواجهات القائمة ما بين الجماعات المتطرفة وبين الحكومات العربية في: مصر، الجزائر، تونس. لكن لا أحد كان يعتقد أنها ستقود إلى حروب شاملة وحرائق في كل الاتجاهات، ومع احتلال أمريكا للعراق عام 2003م وسقوط نظام صدام حسين دخلت المنظمات الإرهابية السنية والشيعية وجماعات التخريب والمرتزقة، واستخبارات العالم مرحلة جديدة من الصراع، دخلت أيضا دولا كانت تقف على الحياد، جاءت لتستفيد من انهيار العراق الدولة النفطية والمركزية بالوطن العربي وبدأت تلك الدول تضخ الأموال والعملاء في الساحة العراقية لتحقيق أهداف وأجندة لها.
مع تداعيات الربيع العربي اندفعت الدول الأوربية، أمريكا، إسرائيل، روسيا، إيران، تركيا، إلى ساحة العرب لتحضر قسمة الكعكة الكبيرة نتيجة اهتزاز بعض من الدول العربية (العراق, ليبيا، اليمن، سوريا، مصر, تونس) وتحول بعضها إلى حاضن للجماعات المتطرفة وفي هذه الظروف ولدت داعش التي استحوذت على المشهد السياسي والعسكري، وتلقت دعما من الدول الغربية حتى تمكنت أن تجد لها موطئ قدم في العديد من الدول العربية .
اذن كانت بلادنا توجه حربا أممية وليس كما يفسر أنها حروب داخلية، وبدأت تتكشف للعالم أن هذه الحرب ستأكل أخضرهم ويابسهم، وان إسرائيل ودول جنوب أوروبا أو بصورة أشمل الاتحاد الاوروبي ودول وسط آسيا وروسيا ستطالها نار الإرهاب وما حرائق الشرق الأوسط إلا شعلة ولهب ستحرق من حولها، لن تبقى إسرائيل و دول أوروبا مما هي قبالة الشمال الأفريقي آمنة من الإرهاب، وإيران التي تعتقد أنها ممسكة بخيوط الشيعة ستصلها رياح التغيير لتفكك أقاليمها، فالإرهاب سيؤذي صاحبه، والصمت على داعش وغض الطرف عن إيران سينقلب على الأدعياء ويرتد عليهم .