د. عبدالعزيز الجار الله
بعد تفجيرات المساجد الشيعية التي تبنّتها داعش في الكويت وقبلها في القطيف والدمام بالسعودية، خرجت أصوات شيعة في الكويت والخليج كانت محسوبة على المثقفين والنخب المتعلمة من الأكاديميين والإعلاميين وأصحاب الفكر اللبرالي ومن الوطنيين القوميين والتنويريين، خرجوا بعد الأحداث وكأنهم ينتظرون التفجيرات ليطلقوا لحناجرهم وأقلامهم الفضاء الفسيح للردح وسب أهل السنّة بالعبارات النابئة والكلمات البذيئة والشتم المقصود للتاريخ الإسلامي بكل خلفائه وخلافته الإسلامية العريقة، والصحابة الحكام رضوان الله عليهم, وسب وشم شعب بلادنا بلا تحفظ واعتبارنا جميعاً من الدواعش والإرهابيين, وهم يعرفون جيداً أننا جميعاً في السعودية والخليج ضحايا الدواعش، وأن التفجيرات تهددنا وتهدد الوطن العربي في كل لحظة في: الخليج، العراق، سوريا، لبنان، ليبيا، مصر، اليمن. حتى في أوروبا مهددون من داعش ومن المنظمات الإرهابية، وأنه لا أمان إلا في إيران فقط وإسرائيل، أما لماذا فأصحاب الحناجر العالية يعرفون الأسباب.
كيف تحول الأصدقاء والزملاء من الشيعة في الكويت والخليج إلى متطرفين شتمونا بلا تحفظ شتموا تاريخنا وسجل التعايش المذهبي ومحوا رصيد مواطنة الأرض الخليجية التي جمعتنا، اعتبرونا دواعش بلا استثناء، محوا الصداقة وزمالة العمل والجوار وتاريخاً طويلاً من التعارف والسفر والاغتراب والروابط الأخوية، اتهمونا رغم أنهم يعرفون بكل وضوح أن أكثر من تلقى الأذى والمعاناة من المنظمات الإرهابية هم أهل السنّة، ويعرفون بلا شكوك أن داعش هي خليط من السنّة والشيعة ومن الإيرانيين, ويعرفون أن الجماعات المتطرفة والأحزاب الإرهابية هي أيضاً خليط من السنّة والشيعة في اليمن وسورية ولبنان والعراق وإيران.
بعض المثقفين من شيعة الخليج اعتبروا التفجيرات احتفالاً رغم أشلاء القتلى والأنفس البريئة، فراحوا يرقصون عليها بأصوات مرتفعة أشبعونا سباً وشتماً، شتم لإنسان هذه الأرض وتاريخه, ووصفونا بالتطرف، فقد تعامل بعض المثقفين الخليجيين الشيعة مع التفجيرات باحتفالية انتظروها من سنوات فرفعوا أصواتهم علينا بالاتهام. وكشفوا عن تطرفهم بالنظرة والممارسة وقادوا مجتمعهم إلى التمرتس والتحزب تحت مظلة إيران وحزب الله، لكن عندما تضع الحرب أوزارها ويتوقف أزيز الحرب وتتراجع إيران مرغمة عن تصدير الثورة سيكون هؤلاء قد قطعوا خطوط الرجعة إلى ماكنا نسميه جميعاً فضاء الثقافة والبناء الفسيفسائي. أملنا سيبقى معلقاً بالأجيال القادمة بطي ذاكرة القاعدة وداعش وحزب الله وإيران التطرف والعودة إلى أخوة الإسلام والعروبة والخليج.