إيصال الصدقات والزكوات للفقراء والمحتاجين دون التشهير بهم والإعلان عما أنفق مدعاة للقبول من ربّ العباد ">
الرياض - خاص بـ«الجزيرة»:
نبّه أكاديمي متخصّص في العلوم الشرعيّة إلى أن للإسلام منهجا فريدا في رعاية الفقراء، والاهتمام بهم، من شتّى الجوانب الاجتماعية والفكرية والنفسية والاقتصادية.
وقال الأستاذ الدكتور محمد بن إبراهيم الرومي أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة الملك سعود بالرياض بمناسبة شهر رمضان المبارك أن فضل الصدقة والأعمال الخيرية مضاعفة الأجور فيها بالشهر الفضيل. وأن النصوص الشرعية تدعو إلى الحث على تقديم العون والمساعدة بما تجود به الأنفس للفقراء والمساكين، ومجالستهم وملاطفتهم ومجاورتهم، والدعاء لهم، ومن ذلك قوله تعالى: (وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِين) سورة الأنعام 52، مشيراً إلى أن الطبري - رحمه الله - ذكر أن هذه الآية نزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، في سبب جماعة من ضعفاء المسلمين، قال المشركون له: لو طردت هؤلاء عنك لغشيناك وحضرنا مجلسك!
وعن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: مرّ الملأ من قريش بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، وعنده صهيب وعمار وبلال وخبّاب، ونحوهم من ضعفاء المسلمين، فقالوا: يا محمد، أرضيت بهؤلاء من قومك؟ هؤلاء الذين منّ الله عليهم من بيننا؟ أنحن نكون تبعًا لهؤلاء؟ اطردهم عنك! فلعلك إن طردتهم أن نتّبعك! فنزلت الآية.
وشدّد الدكتور الرومي إلى أن الإسلام حرص على مساعدة الفقراء مالياً، ورعايتهم اجتماعياً، حتى تسد حاجتهم وتكون لديهم الكفاية. وجعل مساعدتهم من مصارف الزكاة، ومن الأسهم الثمانية التي جعل الإسلام الزكاة فيها، ورعاية الإسلام للفقراء تمتد من الجانب المادي إلى أن تصل إلى الجانب المعنوي، ومن خلال النظر في النصوص الشرعية نلمس أن التشريع الحكيم يراعي نفسية الفقراء، وعدم إيذائهم، وإهانة مشاعرهم، ويتضح ذلك من خلال تحريم المن والأذى عند إخراج الزكاة، وإعطاء الصدقة للفقير.
وشدّد الدكتور محمد الرومي على أهمية إيصال المعونات المالية والمعنوية للفقراء بدون التشهير بهم، أو بالإعلان عما أنفق وبذل، والتكتّم ـ قدر الاستطاعة ـ على من وصلت إليه الصدقة أو الزكاة؛ لأن ذلك أدعى للقبول من رب العالمين، وحتى لا تدخل في باب الرياء والسمعة، إضافة إلى الستر على هؤلاء المحتاجين الذين لا يرغبون أن يطلع على حالهم كل أحد ومراعاة لمشاعرهم وأسرهم.
وناشد الدكتور الرومي الأثرياء والموسرين من الأغنياء ورجال المال والأعمال باغتنام الأيام الفضيلة والمسارعة في تقديم العون للفقراء والمساكين، والله - سبحانه وتعالى - يحب المبادرة والمسارعة إلى الخيرات. جعل الله ذلك في موازين أعمالهم، وأن يجعلها نفقة مخلوفة عليهم بالخير والبركة. وهذا من التنافس في الخير والسبق إليه حيث قال - سبحانه وتعالى -: «وفي ذلك فليتنافس المتنافسون»، وليبشر بالخلف حيث قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: « ما من يوم يصبح العباد إلا وينزل ملكان فيقول أحدهما اللهم أعطي منفقاً خلفا»، وليعلم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم ـ يحبّهم فقال: «اللهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين»، اللهم اجعلنا من المحسنين يا رب العالمين».