د. عبدالعزيز الجار الله
تعمل داعش تحت غطاء معروف لكنه غير معلن يعمل ضد العرب تحديداً كعنصر وثقافة، بحماية قوى دولية نافذة، فليس من المنطق السياسي والعسكري والتنظيمي أن تسيطر منظمة ولدت في غفلة غامضة زمن صراع المنطقة بربيعها العربي وتحولاتها السياسية لتسيطر على دول ومدن وأراض، تسيطر على مساحات شاسعة من سورية، وأقاليم ومحافظات العراق، ومدن ليبيا، وقرى اليمن، وقادرة على التفجير والتخريب في: السعودية والكويت والبحرين وتونس، ومصر. وقادرة أيضاً على مد نفوذها خارج الوطن العربي.
من سمح أو من ساهم في ولادة داعش ومدها بالسلاح وجعلها تهدِّد العالم العربي وتضرب في جميع عواصمه، وبالمقابل يتم تسفيه قول إنها مؤامرة ومن قال هذا القول وصف بأنه خارج الأزمنة، أذن ما هي المؤامرة إذا كان الوطن العربي لا يحكم نفسه ولا يملك قراره، يترك العنان لمنظمات مثل داعش والقاعدة وحزب الله تفجّر وتقتل وتصوّر جرائمها تلفزيونياً بإخراج درامي محبوك وترسله للمحطات، هذا إرهاب مبرمج لعقاب الوطن العربي بأيدٍ معادية للعروبة والإسلام، فالمؤامرة إحدى صيغ التخطيط والإستراتيجيات، كل الدول تمارس المؤامرة دون استثناء.
منذ أن تصدر الوطن العربي المشهد السياسي في بلاد المشرق بالقرن الأول الهجري القرن السابع الميلادي وأصبحت دولة خلافة - الدولة الإسلامية - قوة جديدة كاسحة وهي محاربه من ثلاث قوى: دولة فارس وريثتها إيران، دولة بيزنطة وريثتها دول الغرب، دولة الحبشة وإن ناصرت الإسلام في الهجرات الأولى للمسلمين لكن كان لها أطماع؛ فكلما ضعف العرب تمدَّد الأحباش حتى وهنت دولة الأحباش وتفككت، فالإمبراطوريات الثلاث في المشرق كسرها العرب عبر الخلافة الإسلامية باسم الدولة الإسلامية وتمددت خارطة العرب من دول صغيرة في هامش الجغرافيا السياسية في العالم القديم لتصبح أكبر الإمبراطوريات وبالطبع على حساب إمبراطورتين هما بيزنطة وفارس، أما الحبشة فغابت عن المشهد السياسي، اتسعت حدود الخلافة الإسلامية بريادة عربية، لذا بدأ التخطيط والمؤامرات لإجهاض الدولة الناهضة من بداية الخلافة الراشدة التي أسقطت فارس، ثم بيزنطة وأتمتها الدولة الأموية حتى توسعت الدولة العباسية والسلاجقة والمملوكية ليصل أكبر اتساع لها زمن الخلافة العثمانية التي تكاتف واجتمعت عليها كل الإمبراطوريات القديمة والعالم في التاريخ الحديث على إسقاطها أوائل القرن العشرين، فقد تواصل عليها التخطيط والمؤامرة من حروب الثغور والمرابطة في الخلافة الراشدة تلتها الحملات الصليبية ثم الاستعمار الأوروبي.
في الزمن المعاصر إلى أن تمت صناعة داعش وأعطيت اسم الدولة الإسلامية لتحقق عدة أهداف من أبرزها: تفكيك العرب كدول وشعوب، السعي إلى عدم قيام وحدة أو اتحاد إسلامي. وجعل داعش تحت شعار الدولة الإسلامية تدمر دول العالم العربي والإسلامي.