د. عبد الله المعيلي
ازدادت وتيرة القلق والخوف من تنامي أعداد الشباب الذين يهرولون خلف ضلالات «داعش» وأكاذيب دعاتها الذين يدفعون بالشباب إلى أبواب جهنم، فقد روى البخاري في «صحيحة» بسنده إلى حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- أنه قال: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يارسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم، قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: (نعم وفيه دخن)، قلت: وما دخنه؟ قال: (قوم يهدون بغير هدي، تعرف منهم وتنكر)، قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: (نعم دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها)، قلت: يا رسول الله صفهم لنا، قال: (هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا)، قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: (تلزم جماعة المسلمين وإمامهم)، قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: (فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت، وأنت على ذلك).
توجيه كريم من الهادي الأمين، بأن على المسلم في حال إدراك هؤلاء الدعاة الضالين، أن يلزم جماعة المسلمين وإمامهم، ونحن الآن ننعم ولله الحمد والمنة بجماعة للمسلمين هادية مهدية ملتزمة بكتاب الله وسنة رسوله، وما أجمع عليه السلف الصالح، ويقودنا إمام يردد في كل آن، أن هذه الدولة المباركة منذ تأسيسها وهي ملتزمة بكتاب الله وسنة رسوله، وما زالت ترى أنهما المرجع الرئيس في كل شئون الحياة وإدارتها، وهذا ما نلمسه ونعايشه واقعا مشهوداً، انعكست آثاره -ولله الحمد- على المجتمع بالهناءة والاستقرار، والأمن والأمان.
وهذا ما أثار حقد المتربصين بالمملكة، من صليبيين وصهاينة وصفويين، لقد تكالب إخوان الشياطين، وصنعوا ما سمي «داعش» ليستخدموها فزاعة لنشر الفوضى الخلاقة في البلاد العربية السنية تحديداً، وضخموا كيانها إعلامياً لتبدو قوة قاهرة، تحتاج مواجهتها والقضاء عليها تكتلاً دولياً، وسنين عديدة من حروب الاستنزاف.
وكان الدور الرئيس لـ»داعش» استقطاب شباب من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا، والعمل على تشويه معارفهم، وحرف عقولهم، وتجنيدهم خناجر مسمومة تطعن وحدة الأمة، وتفرق شملها، وتزعزع أمنها واستقرارها.
وأمام هذا التحدي السافر، والعداء المعلن، والرغبة الجامحة من قوى الشر، في المزيد من مقاتلة العرب بعضهم بعضاً، وإيقاد نار الفتنة بينهم، وسفك دمائهم بأيديهم، وهذا ما يبدو واضحاً للعيان الآن في المغرب العربي ومشرقه.
ولكي نطفئ نار الفتنة، ونرد كيد المتربصين ببلادنا، وحتى لا تتنامى أعداد المغرر بهم من بني جلدتنا، لا بد من تقديم مشروع وطني مستعجل يحمي الشباب من دعاة جهنم، ويعزز صور التلاحم والتعايش بين مكونات المجتمع المذهبية والثقافية والاجتماعية.
إن وزارة الشئون الإسلامية، ووزارة التعليم، ووزارة الإعلام، باعتبار مسؤولياتها ورسالة كل واحدة منها، في تكوين الرأي العام وتوجيهه، تعد الأقدر على الإعداد لملتقى وطني يجمع رجالاته القادرين من علماء في الشريعة والتربية وعلم النفس والاجتماع، والاقتصاد والتنمية، والثقافة والإعلام، كي يصوغوا وثيقة وطنية تؤصل هوية الوطن ومرجعياته، ومصادر التكوين المعتبرة ممثلة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن ملامح هذه الوثيقة:
- احترام الحقوق العامة التي كفلها الإسلام، وشرع حمايتها والمحافظة عليها.
- نشر الفكر الوسطي لدى الشباب من مصادره المعتبرة، والتحذير من المصادر المشبوهة.
- مسؤولية الفرد في المحافظة على الأمن وتعزيز روح المحبة والإخوة والتسامح والتعايش.
- البعد عن التصنيف والتحزب والإصغاء للتيارات الفكرية المنحرفة.
بحيث تكون هذه الوثيقة مرجعاً لجهود تربوية وإعلامية وتثقيفية متواصلة لأعوام عديدة.