علي الخزيم
بدأ الاحتفاء بالشهر الفضيل رمضان المبارك قبل اقتراب حلوله بفترة لا تُعَدّ قصيرة، فاذكر أن رسائل كانت متداولة عبر الوسائط الالكترونية تُبَشّر وتُذّكّر بقدوم الشهر العظيم قبل أكثر من شهر على حلوله المبارك بإذن الله على الجميع وعلى الأمة الإسلامية، وهذا ما يؤكد عمق الايمان بعظمته ورحابة الآمال بنيل العفو والغفران من الرحمن الرحيم وهو الذي لا يُخَيّب راجيه، ووعده دائماً الحق لمن صدق معه سبحانه، ويتكرر الاستبشار بحلول الشهر المبارك كل عام وتتكرر معه أحاديثنا وتهانينا، ونُعيد عبارات واقوالاً كنا قلناها في ذات المناسبة، ونتحدث عن ملاحظات سلبية قد تحدث أحياناً من خلال ممارسات غير مرغوبة خلال الصيام وبعده، (ولأن الحديث على العموم) فلا تهانينا لبعضنا غيّرت ما في نفوسنا، ولا جددت أحاديثنا سلوكيات باتت غير مُستحبّة، وعباراتنا وأقوالنا المُصاغة كقوالب سنوية نرددها ربما دون تمعّن بمقاصدها وأبعاد مدلولاتها فهي الأُخرى لم تؤثر في تطوير مفاهيمنا عن مشروعية الصيام وما يعنيه رمضان لنا كمسلمين والدروس المستقاة من مشروعيته، يمر رمضان ويعقبه رمضانات ومعها نُكرّر النمطية ذاتها بل ربما بالغنا بالسلبيات على حساب الإيجابيات المنشودة والمنتظرة من مجموع الرسائل التوعوية التي تغذينا بها خُطب الجمع وفتاوى الصيام والبرامج الدينية وبرامج الاسرة بما فيها الطبّي والاجتماعي، حتى برامج الطبخ فيها ما هو مقتصد معتدل في طرحه يُرشد ربّات البيوت إلى أفضل الطرق لإفطار صحي طيب واقتصادي، الاّ أنّ البعض لا يعجبهم كل ذلك، وفي بالهم أن رمضان إنما هو مشروع لزيادة الأوزان وتكتّل الشحوم فوق وتحت اللحوم، واكتساب أمراض أمضينا أحد عشر شهراً لمكافحتها او التقليل من حِدّتها، ونأبى إلا أن ننتكس ونبدأ بعلاجها مجدداً، فيقول لي طبيب استشاري بمستشفى قوى الأمن أن كثيراً من الحالات التي نقوم بعلاجها تأتينا بعد رمضان وقد تراجعت لأكثر من النصف، قلت له: هل تقصد أننا نفتقد لشجاعة المقاومة أمام أطباق رمضان الملونة على حساب صحتنا؟ قال: وللأسف فهذا مؤشر على ضعف الوعي الصحي أيضاً.
ومن شجون الحديث أننا نعلم أن رمضان هو الشهر التاسع الهجري والمؤكد أن آخره عيد الفطر المبارك، فلماذا ننتظر دخول الشهر لنتسابق إلى محلات الجزارة والتموينات الغذائية وأنواع المشروبات الملونة؟ فهل ورد في أحكام الصيام أنه لا يتم إلاّ بتناول هذه الأصناف؟ اليست مباحة في رمضان وغيره وأنها معروضة طوال السنة؟ ألا ندرك أننا ندفع بالسيولة المادية خلال أيام إلى هذه المحلات ثم نبدأ بالشكوى من العجز عن تحقيق بعض المستلزمات؟ لست ضد التسوق ولا ضد التمتع بالمباح من نعم الله، غير أنى أميل إلى القصد والاقتصاد وعدم الاندفاع، لا سيما إذا أخذنا جميعاً في الاعتبار أن بعض الباعة يبالغ بعض الشيء بالأسعار مع دخول الشهر بحجة أنه موسم للكسب، ومع قرب حلول العيد تزداد حرارة الأسعار، ويمكن تجاوز هذه المشكلة بالتخطيط المسبق قبل رمضان وقبل العيد، (نظموا أوقاتكم وأفكاركم تسعدوا).