علي الخزيم
جهيزة فتاة عربية بسببها أُطلق مثل عربي يقال إلى الآن، فقد كان بيتان أو فصيلان من عشيرتها في محفل يُلقِي فيه الخطباء خُطبهم لإيجاد حل لقضية أو مشكلة نشبت بين البيتين، فإذا بجهيزة تصل إليهم وتعلن أن الصلح قد تم بين الرأسين المعنيين بأطراف الحي، فقيل: (قطعت جهيزة قول كل خطيب)! واختلفت الروايات، وهذا ما حدث قبل أيام معدودة في إحدى المناسبات حين كان أحد الحضور يعاني من مشاكل في إحدى عينيه فنصحه أحدهم بالتوجه لمستشفى الملك خالد التخصصي للعيون حسب الأنظمة المتبعة، فانهال هذا المريض على المستشفى بكلام يقلل من شأنه ويحط من كفاءته وإمكاناته كمستشفى متخصص! واتضح أنه لم يزر هذا المستشفى يوماً، وحُجّته تعتمد على ما سمعه من جار له كان قد راجع المستشفى لكنه لم يلتزم بالتعليمات والعلاج المُعْطَى له فغضب من بطيء الشفاء، وهذا برهان على قوة آثار الشائعات بين البسطاء ومدى الأثر السلبي لإطلاق أقاويل غير مسؤولة عن مَعْلم (علمي واستشفائي) يجاهد لتقديم أفضل ما يمكن لخدمة المواطن والمقيم مستعيناً بالخبرات العالمية المتميزة، وبلغ في هذا المجال شأناً بعيداً جداً.
وجاء دور (جهيزة) هذه المرة من أصحاب الشأن والتخصص، فما هي إلاّ أيام من ذلك الحوار بين الرجلين؛ حتى صدر تقرير (اللجنة المحايدة) التي تولّت تقييم مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون بالرياض بعد الملاحظات التي أبداها أحد أعضاء مجلس الشورى حول أداء المستشفى، مبيناً أن النتائج التي توصلت إليها اللجنة أثبتت أن المستشفى يماثل أفضل المستشفيات المتميزة على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية، وقال التقرير: إن مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون صرح طبي وعلمي أسهم في تخريج أكثر من 50% من القوى العاملة في مجال طب وجراحة العيون على مدى ثلاثة عقود مَضَت، وحاز شهرة عالمية كمرجع علمي عند أطباء العيون في أنحاء العالم، وتوصلت اللجنة إلى أن مستوى الأداء في المستشفى جيد جداً، وأكدت في تقريرها أن المستشفى مشروع صحي ناجح ساعد الآلاف من مرضى العيون على استعادة الإبصار كما يسهم في التعليم الطبي المستمر وتدريب الأطباء المقيمين وفي التخصصات الدقيقة ويمنحهم شهادات البورد السعودي في هذه التخصصات، وعن التعاون القائم بين المستشفى وجامعة (جونز هوبكنز) رأت اللجنة أن اتفاقية التعاون بينهما أسهمت في رفع مستوى الأداء في المستشفى، وعملت على فتح مجالات التعليم والتدريب للأطباء السعوديين في هوبكنز، كما أسهمت الاتفاقية بأعمال بحثية مشتركة، ورفعت مستوى التدريب وإعداد الأبحاث التي عُرضت في اجتماعات عالمية ونُشرت في مجلات علمية متخصصة، كل هذا وميزانية المستشفى (أقل من نصف مليار ريال سنوياً) وليس كما ذكر بأنها 15 ملياراً.
وهذه مجرد ملامح سريعة من تقرير اللجنة المحايدة أعرضها كمواطن لمس بنفسه جودة مستوى الخدمة والرعاية، ويستاء من إطلاق الأحكام جزافاً نتيجة مواقف شخصية تدفع للمبالغة، والعاقل من يضبط مشاعره وجوارحه حتى مع خصومه.