علي الخزيم
أمر صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد بتوظيف شاب بمؤسسة سموه الخيرية وبقائه قريباً من والده وتأمين سيارة له؛ وذلك تفاعلاً مع مناشدة الشاب عبر مقطع فيديو تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي.
هكذا؛ رجل بمثل هذا المركز على هرم الدولة يشاهد مقطع فيديو يتضمن نداء من مواطن لحل مشكلته فيبادر المسئول الرفيع بحلها بكل يسر وسهولة دون مراجعات ولا ترحمات ووقوف بالأسابيع والشهور على الأبواب رجاءً واستجداءً، والأغرب من ذلك أن الأمر قد مر على المواطنين كشيء طبيعي ومسلم به، لماذا إذن؟! لأن عهدنا بهؤلاء القامات هو ما خبرناه وخبره آباؤنا وأجدادنا من حكامنا الكرماء منذ العهود الأولى، لم يُعرف عنهم سوى هذه المواقف النبيلة والسجايا الحميدة، والمواطن بات على تآلف مع هذه الحالات لا يستغربها كما يستغربها إنسان لا يعيش على هذه الارض الطاهرة بأهلها وقادتها أولي الشمم والإباء والكرم العربي الأصيل المتوارث من الجذور إلى الفروع، ومن يتولى أو يحيد عن جادة الأصالة والفروسية والنخوة العربية فهو الاستثناء وليس القاعدة التي تؤسس عليها الأجيال منهج حياتها وسلوكياتها.
فرق واضح بين بلد يهتم قادته بشؤون الرعية ومواطنوه متكاتفون متكافلون يؤازر بعضهم بعضاً، وبين بلاد نعرفها تحرق الشعب بالكيماوي وبراميل السموم الحارقة وتحول المدن والقرى إلى خراب ودمار شامل للمباني والمزروعات، وتعطيل لكل مؤسسات الدولة بزعم إخضاع الشعب لسلطة الطغيان، متناسين ان الشعوب إنما تقاد بالحكمة والعدل، ويغفلون عن أن الظلم مرتعه وخيم ومزالقه مهلكة، {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ} (227) سورة الشعراء، وأين هم من هذا الذكر الحكيم وهم سادرون في غيهم، ماضون في طغيانهم وجبروتهم الآني الزائل لا محالة، ثم إن من العجيب مرة أخرى أن مثل هؤلاء الطغاة هم من يزعمون أنهم أولياء الله في أرضه وأنهم يحاربون الظلم، ويتحدثون منتقدين ومتهمين للدول المسالمة العادلة بأنهم هم سبب القلاقل في بلاد المتجبرين وأن شعوبهم إنما تستثار ضدهم بسبب تدخلات خارجية، وغاب عن أحلامهم الصغيرة ان العدل والرأفة والحلم هي أساس الحكم والملك، وهي المناط في تأليف الشعوب وكسب ودهم، وهذا على كل الأحوال هو ما أمر به الشرع الحكيم وهو المرتكز من مفهوم القيادة، وعليه قامت دول وحكومات إسلامية أبلت البلاء الحسن خدمة للدولة الإسلامية ولأمة الإسلام، وهذا ما قامت عليه حكومات المملكة العربية السعودية المتعاقبة التي بنيت على أحكام الشرع القويم وتعاليمه السامية، فمن قَصُر فهمه وعجز عن بلوغ هذا الشرف من سمو القيادة وعلو الريادة فلا حق ولا مبرر له لإلقاء التهم على الآخرين.
الصور المشرقة لحكام المملكة أكثر من أن تحصى وهم أكبر وأغنى من أن يريدوا منها الشهرة والصيت، إنما كانت وتكون ليقينهم أن فعل الخير وإسدائه لمن يستحق في الداخل والخارج لا بد أن يقود إلى خير يعم البلاد والعباد، فأين أولئك من قيمنا وسؤددنا؟