علي الخزيم
الأمثلة التالية لن تكون شافية للغليل إلا أنها ستقدم وميضاً لما يمكن التحدث عنه بالأسطر اللاحقة، فلعلكم تذكرون حين تنفيذ حكم القتل قصاصاً في العاملة المنزلية الآسيوية خلال الفترة الماضية لقتلها مواطنة سعودية طعناً وبمبيد حشري بالمدينة المنوّرة؛ إن المتحدث باسم وزارة الخارجية لبلادها قال حينها: أرسلنا مذكرة احتجاج إلى الحكومة السعودية وسنستدعي السفير السعودي لإيضاح سبب عدم إخطار حكومتنا بالإعدام، وكأن المحاكمة كانت سرّية أو بدون حضور مندوب ومحامي السفارة! ولو عدنا إلى أحداث (منفوحة) بالرياض وحَمَلَة السواطير والسكاكين من الإثيوبيين قبل حملة ترحيلهم؛ سنتذكر أن السفير الإثيوبي لم يكن واقعياً إزاء الأعمال الغوغائية، ومنع جاليته من الإخلال بالأمن، ولم تبتعد تصريحات خارجيته كثيراً عن المستوى ذاته، وكان المشهد يوحي وكأن تلك الجالية هي صاحبة الفضل علينا بتسللها لبلادنا وهم يحملون الأسلحة والأموال والمناظير الليلية، وكان البعض يَتّهم كتاب الصحف بالمبالغة وتضخيم الأمور!! وصَدَقَ حدس الغيورين من الكُتّاب مع ما كشفته أحداث اليمن والحد الجنوبي للمملكة من استخدام أعداد كبيرة من الأفارقة للقتال بين صفوف الحوثيين على حدودنا، وهم مَنْ كنّا نعاملهم بالحسنى ونُسكنهم بالاستراحات مع الوجبات الدسمة وننقلهم لبلادهم بالطائرات، والحديث هنا لا يشمل من عَلِقُوا بسبب أحداث لا علاقة لهم بها وأجبروا على هذا الوضع فاحتوتهم أيادي الرحمة والحكمة والأخوة بالدين والعروبة، ويُنْتظر منهم مقابلة الجميل بمثله باحترام الأنظمة والقوانين، وإنما القصد أمثلة كثيرة من آسيويين وغيرهم تؤكد في مجملها أن الرأفة مع بعض الجاليات لا تزيدهم إلا عتواً وطغياناً وتشجعهم على الإفساد وتجاوز كل الأنظمة، مثال آخر حين غَرّمت وزارة التعليم 73 مدرسة أجنبية مخالفة خلال العام الدراسي الجاري من بين 83 مدرسة، الخبر الجديد هو أن أفغانياً كان ينقل جملاً نافقاً استوقِفَ قبل إيصاله إلى أحد المطابخ بجدة، والغالب أن من يدير المطبخ عمالة متستر عليها أو مخالفة لأنظمة الإقامة والعمل، وفي كل الأحوال فهي ليست الحادثة الأولى وسيتبعها أقذر منها مالم يتم ردعهم، ففي بلادنا فائض من العمالة (نظاميها ومخالفها) وهي أعجز من أن تقدم لنا أي مردود حضاري أو تقني لأنها هي أول من يفتقده لافتقارها لأدنى أبجديات التعلم والتأهيل، فما الداعي لأن تكون ديارنا مرتعً لمثل هذه الفئات المتدنية؟
إن الداعي لطرق مثل هذا الموضوع (بالأمثلة السابقة) هو الغيرة الصادقة على الوطن من المساس بمقدراته والنيل من أمنه وطمأنينته، وتدنيس مقدساته من طغمة متربصة لا خلاق لها ولا مبدأ إنساني عقلاني تركن إليه، وعلى المواطن من تفكك لحمته وتماسكه، وعلى الأجيال من تحوّل أخلاقها ومبادئها، فهي المرتكز الأهم أمام تلكم العمالة المسعورة، وكذلك الوقوف بوجه أي سفارة لا تُعِين على احترام القوانين والنظم الدولية المرعية ولا تعمل على منع جالياتها من التمادي بالأخطاء، لا نريد منهم إلاّ العمل بموجب الأنظمة، وأن يخضعوا لها كغيرهم، فهل من عاصفة تحمي كرامة الوطن منهم؟!