أحمد بن عبدالرحمن الجبير
شهر رمضان شهر الخير والبركة، ومناسبة دينية عظيمة للعبادة والتقرب إلى الله، والتراحم بين الناس، وفيه الكثير من معاني الاقتصاد، كالاقتصاد في الطعام والشراب، وتحمل الجوع والعطش، وعدم الاسراف والتبذير، ويتم فيه تدريب النفس على حسن التعامل مع الآخرين وتحقيق الترابط بين المسلمين، ومساعدة المحتاجين والمساكين، وتفعيل التكافل الذي يحثنا عليه ديننا الإسلامي.
لكن ما يحصل في شهر رمضان المبارك من شراء كميات كبيرة من المواد الغذائية، والتي تمثل عبئاً كبيرا على رب الأسرة، فالجميع يجري نحو الاستهلاك المفرط، بينما هناك فقراء ومحتاجون لا يجدون حتى كسرة الخبز، فالوعي الاجتماعي، والاقتصادي يجب أن يكون على ناحيتين الأولى عدم الإسراف والتبذير، ورمي أطنان من الغذاء في حاويات المهملات، والثاني هو التعاون مع الجهات المعنية في التبليغ عن حالات غلاء الأسعار.
فعند قدوم شهر رمضان المبارك يضع بعض التجار القانون الذي يناسبهم، ويخدم مصالحهم حيث يخططون ويمهدون برفع الاسعار مسبقاً قبل دخوله، لكي لا يصدم المواطن بمضاعفة أسعار المواد الغذائية فيه، ويتعمدون رفع الأسعار واحتكار السلع والتحكم بها، وكأنهم بذلك لا يعيرون أي اهتماما بمؤسسات الرقابة المعنية والرسمية، وجهات المتابعة الغذائية، وحماية المستهلك ووزارة التجارة.
فبعض التجار للأسف الشديد، تراهم يتكفلون بإطعام المحتاجين والمساكين من الصائمين بوجبات يومية متميزة، ويذهبون إلى مكة والمدينة، ويحرصون على البقاء إلى جانب الحرم المكي والمسجد النبوي خاصة في العشر الأواخر من كل رمضان، ويرعون الاحتفالات الدينية ويقدمون الجوائز، لكنهم لا يتوانون في رفع الأسعار، وبيع المواد الغذائية والمجمدات المنتهية الصلاحية على المواطن دون حسيب أو رقيب، أو خوف من الله.
حسب التقارير الاقتصادية فإن أسعار النفط تراجعت بحدود 40% وهذا سيؤدي بإذن الله إلى انخفاض بحدود 30% في تكاليف المعيشة، والمواد الغذائية، والسلع والخدمات، ومواد البناء والكهرباء، وجميع الكماليات والخدمات، لذا يفترض الإسراع بتقديم البيانات الشهرية التي تصدرها إدارة مصلحة الإحصاءات العامة عن جميع أسعار السلع التي انخفضت بسبب تراجع أسعار النفط، وتحسن قيمة الريال.
لذا يفترض أن يحارب من يرغب من التجار في رفع الأسعار بعدم الإقبال على بضاعته، ومن يحافظ على أسعار السلع، ويخفض الأسعار ضمن حدودها يجب أن يُكافأ، ويفترض أن تتحرك الجهات المعنية بمراقبة الأسعار، والعمل على تكثيف أعمال المراقبة لضبط الأسعار والمتلاعبين من بعض التجار، وذلك ضمن آلية تعتمد على تكليف دوريات رقابية، لمنع أي تغيرات على الأسعار، وعدم احتكار السلع من بعض ضعاف النفوس من التجار، وضمان استقرار السوق وتوفير السلع بأنواعها كافة ضمن الجودة المطلوبة.
وعلى الجهات المعنية والمسؤولة توفير متطلبات واحتياجات المواطنين من المواد الغذائية والاستهلاكية في الأسواق المحلية بالأسعار المناسبة، والمنافسة خلال شهر رمضان المبارك وإصدار نشرات أسعار خاصة بشهر رمضان، وإعداد برامج توعية للمواطنين حيال عادات الاستهلاك، وترشيدهم وفق حاجاتهم الفعلية، وتوافر المواد بأسعار مقبولة ونوعية جيدة، مما يسهم في تحقيق التوازن بين العرض والطلب.
لكن للأسف الشديد ما زال البعض يؤكد بأن الأمورخارج الرقابة والقانون، وهذه الظاهرة تحتاج إلى معالجة حاسمة، قبل أن نصحو ذات يوم على كارثة إنسانية، أمام التهاون الكبير فيما يخص استغلال المواطن بهدف الربح السريع، وغير المشروع في ظل غياب الرقابة القانونية، ومن المفيد اقترح أن يحصل المراقب التمويني على نسبة معينة من قيمة المضبوطات التي يضبطها لجعله يعمل بنزاهة.
فالأمر يحتاج إلى قرار عاجل من صناع القرار برؤية شاملة لإسناد معالجة ارتفاع الاسعار ومشكلة التضخم الى مجلس الاقتصاد والتنمية، وتشكيل فرق رقابة ومتابعة من جميع الجهات المعنية والاعتماد على أساليب جديدة للرقابة الذكية تعتمد على استخدام التقنيات العالية في الاتصال، والمتابعة والكشف، بحيث تراقب جميع الأسواق، والقضاء على جميع أنواع الفساد المستشري بين بعض التجار الذين لا يدركون أن بعضا من أعمالهم الفاسدة تسئ للوطن والمواطن.