فهد الحوشاني
تعودنا أنه وقبيل رمضان تتدفق علينا تصريحات ومقابلات من قبل أبطال المسلسلات، أغلبها تدور حول فكرة واحدة مكررة، وهي أنه في هذا «الرمضان» سوف يكسر مسلسلهم الدنيا
كما يقول المصريون!! يا ساتر!! وأنه مفاجأة لا يمكن لهم كشف تفاصيلها!! فالنص يعتبر قفزة بما يحمله من طرح جريء لقضية اجتماعية تم تناولها بشكل احترافي! بطل المسلسل يعد الجمهور بأن ما حصل العام الماضي من سقوط مدوٍ لعمله الرمضاني بل وما قدمه في كل المسلسلات التي شارك بها من قبل لن يتكرر في هذا العام!! فهذا العام الأمر مختلف فهو وكل طاقم العمل متفائلون بنجاح منقطع النظير!! ثم يختم تصريحه الحصري بأن يسأل الله له ولزملائه في أن يوفقوا لتقديم ما يصبو إليه جمهوره العريض! ولأن مشاهدة المسلسلات مطلب ترويحي لكثير من الناس تجلب المتعة والسعادة، هذا ما يفترض طبعًا! بسبب ذلك فإنك تصدق بمحض إرادتك تلك التصريحات، لأن الفرجة في الفنون قائمة أساسًا على لعبة التصديق والاتفاق الضمني على ذلك بين الممثل والجمهور! تتفائل بعد كل هذه (البرباقندا) التي تضخها الصفحات الفنية والقنوات الفضائية، وفي أول ليلة تجلس أمام القناة التي يعرض عليها المسلسل (القنبلة)! وبعد أن يمر عدة دقائق تحاول أن تخفي امتعاضك عن عائلتك ثم تحاول أن تبرر فتقول لعلها الحلقة الأولى فقط وتتجاهل إيمانك بالمثل الشهير (الكتاب يبين من عنوانه) تكمل الحلقة لأنك لا تريد أن تصدر حكمًا غيابيًا! ثم تغادر القناة إلى قنوات أخرى فتجد أن كورونا المسلسلات أصابت الأغلبية فتدعو للإخوة الفنانين بالشفاء العاجل!
يصدمك المسلسل بأنه تناسخ لمسلسلات الاسفاف والفشل الفني والثقافي الذي يعانيه كثير من الفنانين والكتاب الذين يتصدون للكتابة الدرامية!
ساهمت كثرة القنوات الفضائية على زيادة الطلب على المسلسلات لا يهم المستوى بقدر ما يهم وجود بعض الأسماء (الكبيرة) التي تتهاوى فنيًا عام بعد عام نتيجة سوء اتخاذ قرار المشاركة وضعف النصوص والإنتاج، وبدل أن يكسر المسلسل الدنيا، فإنه يكسر ثقة المشاهد بفنانيه.
أعيدكم إلى ما كان يقدم قبل عقدين من الزمن أو أكثر، عندما كان المسلسل الرمضاني متعة لا تقابلها متعة، وكانت مسلسلات مصرية وسعودية وكويتية وسورية تحترم الشهر الكريم وتحترم مشاعر المشاهدين! وفوق ذلك فهي مسلسلات كتبت باحترافية وتنفذ بمثل ذلك، فتنتهي الحلقة وأنت تتشوق للحلقة التالية! في السنوات الأخيرة تسيطر على الساحة مسلسلات من مختلف البلدان العربية صادمة تجرأت على القيم والأخلاق أو مسلسلات ضعيفة الحبكة والمستوى أو مسلسلات كتبت لتبعث في الأنفس الحزن والاكتئاب كما هي موضة المسلسلات الكويتية! لذلك فإنني عندما أقرأ تصريحًا صحفيًا أو استمع إلى مشاهد دعائية لأي مسلسل يدعي فيها المشاركون فيه بأن مسلسلهم ممتع ويدعو إلى عدم تفويت الفرصة لمشاهدته!! فإنني استمتع كثيرًا بتصريحاتهم ومقابلاتهم أكثر من المسلسل نفسه! حيث تعجبني تلك الثقة التي يتحدثون بها كل عام عن مسلسلاتهم وينسون أنهم قالوا مثل هذا الكلام قبل كل مسلسل (رمضاني)! قالوا عنه إنه (مختلف) وأنه سوف (يكسر الدنيا) أكثر مما هي مكسرة! في هذا «الرمضان» أتمنى أن نشاهد مسلسلات تحترم الشهر الكريم وتسعد المشاهد وتبعث المتعة لمحبي المسلسلات الرمضانية!